اللهم استجب

سبحانك وبحمدك وأستغفرك أنت الله الشافي الكافي الرحمن الرحيم الغفار الغفور القادر القدير المقتدر الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور... الواحد الأحد الواجد الماجد الملك المغيث لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ..لك الملك ولك الحمد وأنت علي كل شيئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بك وأستغفرك اللهم بحق أن لك هذه الأسماء وكل الأسماء الحسني وحق إسمك الأعظم الذي تعلمه ولا أعلمه أسألك أن تَشفني شفاءا لا يُغادر سقما وأن تَكفني كل همي وتفرج كل كربي وتكشف البأساء والضراء عني وأن تتولي أمري وتغفر لي ذنبي وأن تشرح لي صدري وأن تُيسر لي أمري وأن تحلل عُقْدَةً  من لساني يفقهوا قولي وأن تغنني بفضلك عمن سواك اللهم أصلحني: حالي وبالي وأعتقني في الدارين وخُذ بيدي يا ربي وأخرجني من الظلمات الي النور بفضلك  وأن ترحم وتغفر لوالديَّ ومن مات من اخوتي وان تغفر لهم أجمعين وكل من مات علي الايمان والتوبة اللهم آمين  //اللهم تقبل/ واستجب//https://download.tvquran.com/download/selections/315/5cca02c11a61a.mp3

المصحف

 تحميل المصحف

القرآن الكريم وورد word doc icon تحميل المصحف الشريف بصيغة pdf تحميل القرآن الكريم مكتوب بصيغة وورد تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 11 يوليو 2023

استكمال الفتن 2./ و ذكر خروج يأجوج ومأجوج الي اخر { المدينة النبوية لا يدخلها الدجال}

استكمال الفتن 2.

خبر عجيب ، ونبأ غريب 

قال نعيم بن حماد في " كتاب الفتن " : حدثنا أبو عمر ، عن عبد الله بن لهيعة ، عن عبد الوهاب بن حسين ، عن محمد بن ثابت ، عن أبيه ، عن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بين أذني حمار الدجال أربعون ذراعا ، وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيام ، يخوض البحر كما يخوض أحدكم الساقية ، ويقول : أنا رب العالمين ، وهذه الشمس تجري بإذني ، أفتريدون أن أحبسها؟ فتحبس الشمس ، حتى يجعل اليوم كالشهر والجمعة ، ويقول : أتريدون أن أسيرها؟ فيقولون : نعم . فيجعل اليوم كالساعة ، وتأتيه المرأة فتقول : يا رب; أحي لي ابني ، وأحي لي زوجي . حتى إنها تعاين شياطين على صورهم ، . وبيوتهم مملوءة شياطين ، ويأتيه الأعراب فتقول : يا ربنا ، أحي لنا إبلنا وغنمنا . فيعطيهم شياطين أمثال إبلهم وغنمهم ، سواء بالسن والسمة ، فيقولون : لو لم يكن هذا ربنا لم يحي لنا موتانا . ومعه جبل من مرق وعراق [ ص: 212 ] اللحم ، حار لا يبرد ، ونهر جار ، وجبل من جنان وخضرة ، وجبل من نار ودخان ، يقول : هذه جنتي وهذه ناري ، وهذا طعامي وهذا شرابي . واليسع ، عليه السلام ، معه ينذر الناس منه; يقول : هذا المسيح الكذاب فاحذروه ، لعنه الله . ويعطيه الله من السرعة والخفة ما لا يلحقه الدجال ، فإذا قال : أنا رب العالمين . قال له الناس : كذبت . ويقول اليسع : صدق الناس . فيمر بمكة ، فإذا هو بخلق عظيم ، فيقول : من أنت؟ فيقول : أنا ميكائيل ، بعثني الله أن أمنعه من حرمه . ويمر بالمدينة ، فإذا هو بخلق عظيم ، فيقول : من أنت؟ فيقول : أنا جبريل ، بعثني الله لأمنعه من حرم رسوله . فيمر الدجال بمكة ، فإذا رأى ميكائيل ولى هاربا ، فيصيح ، فيخرج إليه من مكة منافقوها ، ومن المدينة كذلك . ويأتي النذير إلى الذين فتحوا القسطنطينية ، ومن تألف من المسلمين ببيت المقدس أن الدجال قد خرج وخلفكم في ذراريكم " . قال : " فيتناول الدجال ذلك ، فيقول : هذا الذي يزعم أني لا أقدر عليه ، فاقتلوه . فينشر فيقول : أنا أحييه ، قم . فيأذن الله بإحيائه ، ولا يأذن بإحياء نفس غيرها ، فيقول : أليس قد أمتك ثم أحييتك؟ فيقول : الآن قد ازددت فيك يقينا; بشرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنك تقتلني ، ثم أحيا بإذن الله لا بإذنك . فيوضع على جلده صفائح من نحاس ، فلا يحيك فيه سلاحهم ، فيقول : اطرحوه في ناري . فيحول الله ذلك الجبل على النذير جنانا ، فيشك الناس فيه ، ويبادر إلى بيت المقدس ، فإذا صعد على عقبة أفيق [ ص: 213 ] وقع ظله على المسلمين ، فيوترون قسيهم لقتاله ، فأقواهم من يوتر وهو بارك ، أو جالس من الجوع والضعف ، ويسمعون النداء : جاءكم الغوث . فيقولون : هذا كلام رجل شبعان . وتشرق الأرض بنور ربها ، وينزل عيسى ابن مريم ، ويقول : يا معشر المسلمين ، احمدوا ربكم وسبحوه . فيفعلون ، ويريدون الفرار ، فيضيق الله عليهم الأرض ، فإذا أتوا باب لد في نصف ساعة ، فيوافون عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، فإذا نظر الدجال إلى عيسى قال : أقم الصلاة . فيقول الدجال : يا نبي الله ، قد أقيمت الصلاة . فيقول عيسى : يا عدو الله ، زعمت أنك رب العالمين ، فلمن تصلي؟ فيضربه بمقرعة في يده فيقتله ، فلا يبقى أحد من أنصاره خلف شيء إلا نادى : يا مؤمن ، هذا دجال فاقتله . إلى أن قال : فتمتعوا أربعين سنة ، لا يموت أحد ، ولا يمرض أحد ، ويقول الرجل لغنمه ودوابه : اذهبوا فارعوا . وتمر الماشية بين الزرعين لا تأكل منه سنبلة ، والحيات والعقارب لا تؤذي أحدا ، والسبع على أبواب الدور لا يؤذي أحدا ، ويأخذ الرجل المد من القمح ، فيبذره بلا حراث ، فيجيء منه سبعمائة مد ، فيمكثون في ذلك كذلك حتى يكسر سد يأجوج ومأجوج ، فيخرجون ويفسدون ما على الأرض ، فيستغيث الناس ، فلا يستجاب لهم ، وأهل طور سيناء هم الذين فتح الله عليهم القسطنطينية فيدعون ، فيبعث الله عليهم دابة من الأرض ذات قوائم ، فتدخل في آذانهم ، فيصبحون موتى أجمعون ، وتنتن الأرض منهم ، فيؤذون الناس بنتنهم أشد من حياتهم ، فيستغيثون بالله تعالى ، فيبعث الله ريحا يمانية غبراء ، فتصير على الناس غما ودخانا ، وتقع عليهم [ ص: 214 ] الزكمة ، ويكشف ما بهم بعد ثلاث ، وقد قذفت جيفهم في البحر ، ولا يلبثون إلا قليلا حتى تطلع الشمس من مغربها ، وجفت الأقلام ، وطويت الصحف ، ولا يقبل من أحد توبة ، ويخر إبليس ساجدا ينادي : إلهي ، مرني أن أسجد لمن شئت . ويجتمع إليه الشياطين ، تقول : يا سيدنا ، إلى من تفزع؟ فيقول : سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث ، وقد طلعت الشمس من مغربها ، وهذا الوقت المعلوم . وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض ، حتى يقول الرجل : هذا قريني الذي كان يغويني ، فالحمد لله الذي أخزاه . ولا يزال إبليس ساجدا باكيا ، حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد ، ويتمتع المؤمنون بعد ذلك أربعين سنة ، لا يتمنون شيئا إلا أعطوه ، وبرز المؤمنون ، لا يموت مؤمن حتى تتم أربعون سنة بعد الدابة ، ثم يعود فيهم الموت ويسرع ، فلا يبقى مؤمن ، ويقول الكافر : قد كنا مرعوبين من المؤمنين ، فلم يبق منهم أحد ، وليس يقبل منا توبة . فيتهارجون في الطرق كالبهائم ، حتى ينكح الرجل أمه في وسط الطريق ، يقوم واحد عنها ، وينزل عليها آخر ، وأفضلهم من يقول : لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن . فيكونون على ذلك ، حتى لا يولد أحد من نكاح ، ثم يعقم الله النساء ثلاثين سنة ، إلا الزواني والزانيات فإنهن يحبلن ، ويلدن من الزنى ، ويكونون كلهم أولاد زنى ، شرار الناس ، فعليهم تقوم الساعة " . كذا رواه الطبراني ، عن عبد الرحمن بن حاتم المرادي ، عن نعيم بن حماد ، فذكره .

 

قال شيخنا الحافظ الذهبي : وهذا الحديث شبه موضوع ، وأبو عمر مجهول ، وعبد الوهاب كذلك ، وشيخه يقال له : البناني . وقد أنبأني شيخنا الذهبي إجازة - إن لم يكن سماعا - أنبأنا أبو الحسين اليونيني ، أنبأنا البهاء [ ص: 215 ] عبد الرحمن ، حضورا ، أنبأنا عتيق بن صيلا ، أنبأنا عبد الواحد بن علوان ، أنبأنا أبو عمرو بن دوست ، حدثنا أحمد بن سلمان النجاد ، حدثنا محمد بن غالب ، حدثنا أبو سلمة التبوذكي ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا علي بن زيد ، عن الحسن قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدجال يتناول السحاب ، ويخوض البحر إلى ركبتيه ، ويسبق الشمس إلى مغربها ، وتسير معه الآكام طعاما ، وفي جبهته قرن مكسور الطرف ، يخرج منه الحيات ، وقد صور في جسده السلاح كله ، حتى الرمح والسيف والدرق " . قلت للحسن : يا أبا سعيد ، ما الدرق؟ قال : الترس . ثم قال شيخنا : هذا من مراسيل الحسن ، وهي ضعيفة .

 

وقال ابن منده في " كتاب الإيمان " : حدثنا محمد بن الحسين المديني ، حدثنا أحمد بن مهدي ، حدثنا سعيد بن سليمان سعدويه ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران ، أحدهما نار تأجج في عين من يراه ، والآخر ماء أبيض ، فمن أدركه منكم فليغمض عينيه ، وليشرب من الذي يراه نارا; فإنه ماء بارد ، وإياكم والآخر ، فإنه فتنة ، واعلموا أنه مكتوب بين عينيه : كافر ، يقرؤه من كتب ، ومن لم يكتب ، وأن إحدى عينيه ممسوحة ، عليها ظفرة ، وأنه يطلع من آخر عمره على بطن الأردن على ثنية فيق ، وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن ، وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ، ويهزم ثلثا ، ويبقى ثلث ، فيحجز بينهم الليل ، فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون أن [ ص: 216 ] تلحقوا بإخوانكم في مرضاة ربكم؟ من كان عنده فضل طعام فليعد به على أخيه ، وصلوا حتى ينفجر الفجر ، وعجلوا الصلاة ، ثم أقبلوا على عدوكم ، فلما قاموا يصلون ، نزل عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وإمامهم يصلي بهم ، فلما انصرف قال : هكذا فرجوا بيني وبين عدو الله . فيذوب كما يذوب الملح ، فيسلط الله عليهم المسلمين فيقتلونهم ، حتى إن الحجر والشجر لينادي : يا عبد الله ، يا مسلم ، هذا يهودي فاقتله . فيعينهم الله ، ويظهر المسلمون ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، فبينما هم كذلك إذ أخرج الله يأجوج ومأجوج ، فيشرب أولهم البحيرة ، ويجيء آخرهم ، وقد انتشفوا ، فما يدعون فيها قطرة ، فيقولون : كان هاهنا أثر ماء مرة . ونبي الله وأصحابه وراءهم حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين ، يقال لها : باب لد . فيقولون : ظهرنا على من في الأرض ، فتعالوا نقاتل من في السماء . فيدعو الله نبيه ، عليه السلام ، عند ذلك ، فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم ، فلا يبقى منهم بشر ، وتؤذي ريحهم المسلمين ، فيدعو عيسى عليهم ، فيرسل الله عليهم ريحا تقذفهم في البحر أجمعين " . قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي : هذا إسناد صالح . قلت : وفيه سياق غريب ، وأشياء منكرة . والله أعلم .

 

وقال ابن عساكر في ترجمة شيخ من أهل دمشق ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا الأثر في قريش يليه برهم ببرهم ، وفاجرهم بفاجرهم ، حتى يدفعوه إلى عيسى ابن مريم " . وفي لفظ : " برهم ببره ، وفاجرهم بفجوره " . قال ابن عساكر : وهو الأصح .==ذكر نزول عيسى ابن مريم من السماء الدنيا إلى الأرض في آخر الزمان

قال تعالى : وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا [ النساء : 157 - 159 ] .

قال ابن جرير في تفسيره : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته . قال : قبل موت عيسى ابن مريم . وهذا إسناد صحيح ، وكذا روى العوفي ، عن ابن عباس .

وقال أبو مالك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته . ذلك عند نزول عيسى ابن مريم ، لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به . وقال الحسن البصري : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته . قال : قبل موت عيسى ، والله إنه الآن حي عند الله ، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون . رواه ابن جرير .

[ ص: 218 ] وروى ابن أبي حاتم عنه : أن رجلا سأل الحسن عن قوله تعالى : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته . فقال : قبل موت عيسى ، إن الله رفع عيسى إليه ، وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاما يؤمن به البر والفاجر . وهكذا قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغير واحد ، وهو ثابت في الصحيحين ، عن أبي هريرة ، كما سيأتي موقوفا ، وفي رواية مرفوعا . والله أعلم .

وهذا هو المقصود من السياق الإخبار بحياته الآن في السماء ، وليس الأمر كما يزعمه أهل الكتاب الجهلة أنهم صلبوه بل رفعه الله إليه ، ثم ينزل من السماء قبل يوم القيامة ، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة كما سبق في أحاديث الدجال ، وكما سيأتي أيضا ، وبالله المستعان .

وقد روي عن ابن عباس وغيره أن الضمير في قوله : قبل موته عائد على أهل الكتاب ، أي يؤمن بعيسى قبل الموت ، وذلك لو صح لما كان مخالفا للأول ، ولكن الصحيح في المعنى والإسناد ما ذكرناه ، وقد قررناه في كتابنا " التفسير " بما فيه كفاية ، ولله الحمد والمنة . 

ذكر الأحاديث الواردة في ذلك

قد تقدم في حديث النواس بن سمعان عند مسلم أن عيسى ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق . وفي غير رواية مسلم : أنه ينزل على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق . وهذا أشبه ، فإن في سياق الحديث " فينزل وقد أقيمت الصلاة للصبح فيقول له إمام المسلمين : تقدم يا روح الله . فيقول : لا ، إنها إنما أقيمت لك " ففيه من الدلالة الظاهرة أنه ينزل على منارة المعبد الأعظم الذي يكون فيه إمام المسلمين إذ ذاك ، وإمام المسلمين يومئذ هو المهدي فيما قيل ، وهو جامع دمشق الأكبر . والله أعلم .

وقد تقدم في حديث أبي أمامة أنه ينزل في غير دمشق ، وليس ذلك بمحفوظ .

وكذا الحديث الذي ساقه ابن عساكر في " تاريخه " من طريق محمد بن عائذ ، ثنا الوليد ، ثنا من سمع عبد الرحمن بن ربيعة ، يحدث عن عبد الرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان ، عن جده نافع بن كيسان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى ابن مريم عند باب دمشق - قال نافع : ولا أدري أي بابها يريد - عند المنارة البيضاء لست ساعات من النهار في ثوبين ممشقين ، كأنما يتحدر من رأسه اللؤلؤ " . ففيه مبهم لم يسم ، وهو منكر; إذ هو مخالف لما ثبت في الصحاح من أن نزوله وقت السحر عند إضاءة الفجر وقد [ ص: 220 ] أقيمت الصلاة ، والله أعلم .

قال مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن النعمان بن سالم ، سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي يقول : سمعت عبد الله بن عمرو وجاءه رجل فقال : ما هذا الحديث الذي تحدث به؟ تقول : إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا . فقال : سبحان الله - أو لا إله إلا الله ، أو كلمة نحوهما - لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا ، إنما قلت : إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما; يحرق البيت ، ويكون ويكون . ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج الدجال في أمتي ، فيمكث أربعين - لا أدري أربعين يوما ، أو أربعين شهرا ، أو أربعين عاما - فيبعث الله تعالى عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ، ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام ، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته ، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه ، حتى تقبضه " . قال : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : " فيبقى شرار الناس في خفة الطير ، وأحلام السباع ، لا يعرفون معروفا ، ولا ينكرون منكرا ، فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون؟ فيقولون : فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان ، وهم في ذلك دار رزقهم ، حسن عيشهم ، ثم ينفخ في الصور ، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا " . قال : " وأول من [ ص: 221 ] يسمعه رجل يلوط حوض إبله " . قال : " فيصعق ، ويصعق الناس ، ثم يرسل الله - أو قال : " ينزل الله " - مطرا ، كأنه الطل - أو الظل ، نعمان الشاك - فتنبت منه أجساد الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ، ثم يقال : يا أيها الناس ، هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسئولون [ الصافات " 24 ] يقال : أخرجوا بعث النار . فيقال : من كم؟ فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين " . قال : " وذلك يوم يجعل الولدان شيبا ، ويوم يكشف . عن ساق " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا فليج ، عن الحارث بن فضيل ، عن زياد بن سعد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل ابن مريم إماما عادلا ، وحكما مقسطا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويرجع السلم ، وتتخذ السيوف مناجل ، وتذهب حمة كل ذات حمة ، وتنزل السماء رزقها ، وتخرج الأرض بركتها ، حتى يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره ، ويراعي الغنم الذئب فلا يضرها ، ويراعي الأسد البقر فلا يضرها " . تفرد به أحمد ، وإسناده جيد قوي صالح .

وقال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، [ ص: 222 ] حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة خيرا من الدنيا وما فيها " . ثم يقول أبو هريرة : واقرءوا إن شئتم : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا [ النساء : 159 ] .

وكذا رواه مسلم ، عن حسن الحلواني ، وعبد بن حميد ، كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم به ، وأخرجاه أيضا من حديث سفيان بن عيينة ، والليث بن سعد ، عن الزهري به .

وروى أبو بكر بن مردويه ، من طريق محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوشك أن يكون فيكم ابن مريم حكما عدلا ، يقتل الدجال ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية ، ويفيض المال ، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين " . قال أبو هريرة : واقرءوا إن شئتم : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته . موت عيسى ابن مريم ، ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا سفيان ، وهو ابن حسين ، عن [ ص: 223 ] الزهري ، عن حنظلة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى ابن مريم ، فيقتل الخنزير ، ويمحو الصليب ، وتجمع له الصلاة ، ويعطي المال حتى لا يقبل ، ويضع الخراج ، وينزل الروحاء ، فيحج منها أو يعتمر ، أو يجمعهما " . قال : وتلا أبو هريرة : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا . فزعم حنظلة أن أبا هريرة قال : يؤمن به قبل موت عيسى . فلا أدري ، هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، أو شيء قاله أبو هريرة؟ .

وروى الإمام أحمد ومسلم ، من حديث الزهري ، عن حنظلة ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليهلن عيسى ابن مريم ، من فج الروحاء بالحج والعمرة ، أو ليثنينهما جميعا " .

وقال البخاري : حدثنا ابن بكير ، حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري ، أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم؟ " ثم قال البخاري : تابعه عقيل والأوزاعي .

وقد رواه الإمام أحمد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، وعن عثمان بن عمر ، [ ص: 224 ] عن ابن أبي ذئب ، كلاهما عن الزهري به .

وأخرجه مسلم من حديث يونس والأوزاعي وابن أبي ذئب ، عن الزهري ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا همام ، أخبرنا قتادة ، عن عبد الرحمن ، وهو ابن آدم مولى أم برثن صاحب السقاية ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الأنبياء إخوة لعلات ، أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد ، وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم; لأنه لم يكن بيني وبينه نبي ، وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ، عليه ثوبان ممصران ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ، فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ويضع الجزية ، ويدعو الناس إلى الإسلام ، ويهلك الله في زمانه الأمم كلها إلا الإسلام ، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ، ثم تقع الأمنة على الأرض ، حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمار مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات ، لا تضرهم ، فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ، ويصلي عليه المسلمون " . وهكذا رواه أبو داود ، عن هدبة بن خالد ، عن هشام بن يحيى ، عن قتادة به .

ورواه ابن جرير ، ولم يورد عند تفسيرها غيره ، عن بشر بن معاذ ، عن يزيد ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة بنحوه ، وهذا إسناد جيد قوي .

[ ص: 225 ] وروى البخاري ، عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أنا أولى الناس بابن مريم ، والأنبياء أولاد علات ، ليس بيني وبينه نبي " . ثم روى عن محمد بن سنان ، عن فليح بن سليمان ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة ، والأنبياء إخوة لعلات ، أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد " . ثم قال : وقال إبراهيم بن طهمان ، عن موسى بن عقبة ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . فهذه طرق متعددة كالمتواترة عن أبي هريرة ، رضي الله عنه .
حديث عن ابن مسعود

قال الإمام أحمد : حدثنا هشيم ، عن العوام بن حوشب ، عن جبلة بن سحيم ، عن مؤثر بن عفازة ، عن ابن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى ، عليهم الصلاة والسلام " . قال : " فتذاكروا أمر الساعة ، فردوا أمرهم إلى إبراهيم ، فقال : لا علم لي بها . فردوا أمرهم إلى موسى ، فقال : لا علم لي بها . فردوا أمرهم إلى عيسى ، فقال : أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله ، ولكن فيما عهد إلي ربي ، عز وجل ، [ ص: 226 ] أن الدجال خارج ، ومعي قضيبان ، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص " . قال : " فيهلكه الله إذا رآني ، حتى إن الحجر والشجر ليقول : يا مسلم ، إن تحتي كافرا ، فتعال فاقتله " . قال : " فيهلكهم الله ، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم ، فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، فيطئون بلادهم ، لا يأتون على شيء إلا أكلوه ، ولا يمرون على ماء إلا شربوه " . قال : " ثم يرجع الناس إلي فيشكونهم ، فأدعو الله عليهم فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم ، وينزل الله المطر ، فتجرف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر " ، ففيما عهد إلي ربي ، عز وجل ، أن ذلك إذا كان كذلك ، فإن الساعة كالحامل المتم التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلا أو نهارا " .

ورواه ابن ماجه ، عن محمد بن بشار ، عن يزيد بن هارون ، عن العوام بن حوشب به ، نحوه .
صفة المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ، عليه السلام

ثبت في " الصحيحين " من حديث الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليلة أسري بي لقيت موسى - قال : فنعته - فإذا رجل - حسبته قال - : مضطرب - أي طويل - رجل الرأس ، كأنه من رجال شنوءة " . قال : " ولقيت عيسى " . فنعته النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ربعة أحمر ، كأنما خرج من ديماس " . يعني الحمام .

وللبخاري من حديث مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت عيسى ، وموسى وإبراهيم ، فأما عيسى فأحمر جعد عريض [ ص: 228 ] الصدر ، وأما موسى فآدم جسيم سبط ، كأنه من رجال الزط " . ولهما من طريق موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال ، فقال : " إن الله ليس بأعور ، ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية ، وأراني الليلة عند الكعبة في المنام ، وإذا رجل آدم كأحسن ما يرى من أدم الرجال ، تضرب لمته بين منكبيه ، رجل الشعر ، يقطر رأسه ماء ، واضعا يديه على منكبي رجلين ، وهو يطوف بالبيت . فقلت : من هذا؟ فقالوا : هذا المسيح ابن مريم . ثم رأيت رجلا وراءه ، جعدا قططا أعور عين اليمنى ، كأشبه من رأيت بابن قطن ، واضعا يديه على منكبي رجل ، يطوف بالبيت ، فقلت : من هذا؟ قالوا : " المسيح الدجال " . تابعه عبيد الله ، عن نافع .

ثم روى البخاري ، عن أحمد بن محمد المكي ، عن إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : لا والله ، ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعيسى : " أحمر " . ولكن قال : " بينما أنا نائم أطوف بالكعبة ، فإذا رجل آدم سبط الشعر ، يهادى بين رجلين ، ينظف رأسه ماء - أو يهراق رأسه ماء - [ ص: 229 ] فقلت : من هذا؟ قالوا : ابن مريم . فذهبت ألتفت ، فإذا رجل أحمر جسيم ، جعد الرأس ، أعور عينه اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية . قلت : من هذا؟ قالوا : هذا الدجال ، وأقرب الناس به شبها ابن قطن " . قال الزهري : رجل من خزاعة هلك في الجاهلية .

وتقدم في حديث النواس بن سمعان : " فينزل عند المنارة البيضاء ، شرقي دمشق ، بين مهرودتين ، واضعا كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه مثل جمان اللؤلؤ ، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه " .

هذا هو الأشهر في موضع نزوله أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق ، وقد رأيت في بعض الكتب : أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق . فلعل هذا هو المحفوظ ، وتكون الرواية : " فينزل على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق " فتصرف الراوي في التعبير بحسب ما فهم ، وليس في دمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى جانب الجامع الأموي بدمشق من شرقيه ، وهذا هو الأنسب والأليق; لأنه ينزل ، وقد أقيمت الصلاة ، فيقول له إمام المسلمين : " يا روح الله تقدم " . فيقول : " تقدم أنت ، فإنها إنما أقيمت لك " . وفي رواية : " بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة " .

وقد جدد بناء منارة في زماننا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، من حجارة بيض ، من أموال النصارى الذين حرقوا المنارة التي كانت مكانها ، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة ، حيث قبض الله بناء هذه المنارة البيضاء من أموال [ ص: 230 ] النصارى ، لينزل عيسى ابن مريم عليها ، فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ولا يقبل منهم جزية ، ومن لم يسلم قتله ، وكذلك يكون حكمه في سائر كفار أهل الأرض يومئذ ، فإنه لا يبقى حكم في أهل الأرض إلا له ، وهذا من باب الإخبار عن المسيح بذلك ، فإن الله قد سوغ له ذلك ، وشرعه له ، فإنه إنما يحكم بمقتضى هذه الشريعة المطهرة .

وقد ورد في بعض الأحاديث ، كما تقدم ، أنه ينزل ببيت المقدس ، والأحاديث تقتضي أن الدجال يقتل بلد قبل أن يدخل بيت المقدس ، فتدل على أنه لا يدخله الدجال كمكة والمدينة حماية له منه ، وفي رواية : أن عيسى ينزل بالأردن ، وفي رواية بمعسكر المسلمين ، وهذا في بعض روايات مسلم ، كما تقدم . والله أعلم .

وتقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم ، عن أبي هريرة : " وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ، عليه ثوبان ممصران ، كأن رأسه يقطر ، وإن لم يصبه بلل ، فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويدعو الناس إلى الإسلام ، ويهلك الله تعالى في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ، ثم تقع الأمنة على الأرض ، حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمار مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم ، فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ، ويصلي عليه المسلمون " . رواه أحمد ، وأبو داود .

[ ص: 231 ] وهكذا وقع في هذا الحديث أنه يمكث في الأرض أربعين سنة .

وثبت في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه يمكث في الأرض سبع سنين . فهذا مع هذا مشكل ، اللهم إلا أن تحمل هذه السبع على مدة إقامته بعد نزوله ، ويكون ذلك محمولا على مكثه فيها قبل رفعه مضافا إليه ، وكان عمره قبل رفعه ثلاثا وثلاثين سنة على المشهور . وهذه السبع تكملة الأربعين ، فيكون هذا مدة مقامه في الأرض قبل رفعه وبعد نزوله ، . وأما مقامه في السماء قبل نزوله فهو مدة طويلة . والله سبحانه أعلم .

وقد ثبت في الصحيح أن يأجوج ومأجوج يخرجون في زمانه ويهلكهم الله ببركة دعائه في ليلة واحدة كما تقدم وكما سيأتي ، وثبت أنه يحج في مدة إقامته في الأرض بعد نزوله .

وقال محمد بن كعب القرظي : في الكتب المنزلة ، أن أصحاب الكهف يكونون في حواريه ، وأنهم يحجون معه ، ذكره القرطبي في الملاحم ، في آخر كتاب " التذكرة " ، وتكون وفاته بالمدينة النبوية ، فيصلى عليه هنالك ، ويدفن بالحجرة النبوية . وقد ذكر ذلك ابن عساكر ، ورواه أبو عيسى الترمذي في " جامعه " ، عن عبد الله بن سلام ، فقال في كتاب المناقب : حدثنا زيد بن أخزم الطائي البصري ، حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة ، حدثنا أبو مودود المدني ، [ ص: 232 ] حدثنا عثمان بن الضحاك ، عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن جده قال : مكتوب في التوراة صفة محمد ، وعيسى ابن مريم يدفن معه . قال : فقال أبو مودود : وقد بقي في البيت موضع قبر . ثم قال : هذا حديث حسن غريب . هكذا قال عثمان بن الضحاك ، والمعروف الضحاك بن عثمان المدني . انتهى ما ذكره الترمذي ، رحمه الله تعالى .

وروى الطبراني من حديث عبد الله بن نافع ، عن عثمان بن الضحاك ، عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن جده قال : يدفن عيسى ابن مريم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وعمر ، فيكون قبره رابعا .

وقال أبو داود الطيالسي ، عن علي بن مسعدة ، عن رياح بن عبيدة ، حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه قال : يمكث الناس بعد الدجال يعمرون الأسواق ، ويغرسون النخل .

 

ذكر خروج يأجوج ومأجوج ، وذلك في أيام عيسى ابن مريم بعد قتله الدجال ، فيهلكهم الله أجمعين في ليلة واحدة ببركة دعائه عليهم

 

قال الله تعالى : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين [ الأنبياء : 96 ، 97 ] وقال تعالى في قصة ذي القرنين : حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا [ الكهف 93 ، 94 ] الآيات إلى آخر القصة .

 

وقد ذكرنا في " التفسير " ، وفي قصة ذي القرنين خبر بنائه للسد من حديد ونحاس بين جبلين ، فصار ردما واحدا ، وقال : هذا رحمة من ربي . أي يحجز به بين هؤلاء القوم المفسدين في الأرض وبين الناس . فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا [ الكهف : 98 ] . أي الوقت الذي قدر انهدامه فيه . جعله دكاء أي مساويا للأرض . وكان وعد ربي حقا . أي هذا شيء لا بد من كونه ووقوعه وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض [ الكهف : 99 ] أي إذا انهدم يخرجون على الناس فيموجون فيهم ، وينسلون أي [ ص: 234 ] يسرعون المشي من كل حدب ، ثم يكون النفخ في الصور للفزع قريبا من ذلك الوقت ، كما قال تعالى : وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق [ الأنبياء : 96 ، 97 ] الآية .

 

وقد ذكرنا في الأحاديث الواردة في خروج الدجال ونزول المسيح طرفا صالحا من ذكرهم ، من رواية النواس بن سمعان وغيره .

 

وثبت في " الصحيحين " من حديث زينب بنت جحش ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نام عندها ، ثم استيقظ محمرا وجهه ، وهو يقول : " لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " . وحلق بين إصبعيه ، وفي رواية : وعقد سبعين أو تسعين . قالت : قلت : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : " نعم ، إذا كثر الخبث " .

 

وفي " الصحيحين " أيضا من حديث وهيب ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا " . وعقد تسعين .

 

وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، حدثنا أبو رافع ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم ، حتى إذا كادوا يرون شعاع [ ص: 235 ] الشمس ، قال الذي عليهم : ارجعوا ، فستحفرونه غدا . فيعودون إليه كأشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : اغدوا فستحفرونه غدا إن شاء الله . ويستثني ، فيعودون إليه ، وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ، ويخرجون على الناس ، فينشفون المياه ، ويتحصن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء ، فترجع وعليها كهيئة الدم ، فيقولون : قهرنا أهل الأرض ، وعلونا أهل السماء . فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها " . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده ، إن دواب الأرض لتسمن وتشكر شكرا من لحومهم ودمائهم " . ثم رواه أحمد والترمذي وابن ماجه : من غير وجه ، عن قتادة به . وقد روى ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن كعب الأحبار قريبا من هذا . فالله أعلم .

 

وقال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يفتح يأجوج ومأجوج ، فيخرجون على الناس ، [ ص: 236 ] كما قال الله تعالى : من كل حدب ينسلون [ الأنبياء : 96 ] . فيغشون الناس ، وينحاز الناس ، عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ، ويضمون إليهم مواشيهم ، فيشربون مياه الأرض ، حتى إن بعضهم ليمر بالنهر ، فيشربون ما فيه ، حتى يتركوه يبسا ، حتى إن من بعدهم ليمر بذلك النهر ، فيقول : قد كان هاهنا ماء مرة . حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أو مدينة قال قائلهم : هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم ، بقي أهل السماء " . قال : " ثم يهز أحدهم حربته ، ثم يرمي بها إلى السماء ، فترجع إليه مختضبة دما للبلاء والفتنة ، فبينما هم على ذلك بعث الله دودا في أعناقهم كنغف الجراد الذي يخرج في أعناقه ، فيصبحون موتى ، لا يسمع لهم حس ، فيقول المسلمون : ألا رجل يشري لنا نفسه ، فينظر ما فعل هذا العدو؟ قال : " فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه ، قد وطنها على أنه مقتول ، فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض ، فينادي : يا معشر المسلمين ، ألا أبشروا ، إن الله تعالى قد كفاكم [ ص: 237 ] عدوكم . فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ، ويسرحون مواشيهم ، فما يكون لها رعي إلا لحومهم ، فتشكر عنه كأحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط " . وهكذا أخرجه ابن ماجه ، من حديث يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق به ، وهو إسناد جيد .

 

وفي حديث النواس بن سمعان ، بعد ذكر قتل عيسى الدجال عند باب لد الشرقي ، قال : " فبينما هم كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى : إني قد أخرجت عبادا لي ، لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور . فيبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم كما قال الله تعالى : وهم من كل حدب ينسلون ، فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله ، عز وجل ، فيرسل الله عليهم نغفا في رقابهم ، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ، فيهبط عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض بيتا إلا ملأه زهمهم ونتنهم ، فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله " .

 

قال كعب الأحبار : " بمكان يقال له المهبل عند مطلع الشمس " . الحديث إلى آخره ، وقد تقدم .

 

كذلك حديث مؤثر بن عفازة ، عن ابن مسعود ، في اجتماع الأنبياء ليلة الإسراء ، وتذاكرهم أمر الساعة ، فردوا أمرهم إلى عيسى ، وذكر الحديث ، كما [ ص: 238 ] تقدم ، وفي آخره : " فيرجع الناس إلى أوطانهم ، فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون فيطئون بلادهم ، لا يمرون على شيء ، إلا أهلكوه ، ولا على ماء إلا شربوه " ، قال : " ثم يرجع الناس إلي يشكونهم ، فأدعو الله عليهم ، فيهلكهم ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم ، وينزل الله المطر ، فتجرف أجسادهم ، حتى يقذفهم في البحر ، ففيما عهد إلي ربي أن ذلك إذا كان كذلك ، فإن الساعة كالحامل المتم ، لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلا أو نهارا " وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن ابن حرملة ، عن خالته قالت : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب إصبعه من لدغة عقرب ، فقال : " إنكم تقولون : لا عدو لكم ، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج ، عراض الوجوه ، صغار العيون ، صهب الشعاف ، من كل حدب ينسلون ، كأن وجوههم المجان المطرقة " .

 

قلت : يأجوج ومأجوج طائفتان من الترك كبيرتان لا يعلم عددهم إلا الله [ ص: 239 ] سبحانه ، وهم من ذرية آدم ، كما ثبت في الصحيح : " يقول الله تعالى يوم القيامة : يا آدم . فيقول : لبيك وسعديك . فينادي بصوت : ابعث بعث النار من ذريتك . فيقول : من كم؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار ، وواحدا إلى الجنة . فيومئذ يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها فيقال : أبشروا ، فإن في يأجوج ومأجوج لكم فداء " . وفي رواية : " فيقال : إن فيكم أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه; يأجوج ومأجوج " . وسيأتي هذا الحديث بطرقه وألفاظه .

 

ثم هم من حواء ، وقد قال بعضهم : إنهم من آدم لا من حواء ، وذلك أن آدم احتلم ، فاختلط منيه بالتراب ، فخلق الله من ذلك يأجوج ومأجوج . وهذا مما لا دليل عليه ، ولم يرد عمن يجب قبول قوله في هذا ، والله أعلم .

 

وهم من ذرية نوح عليه السلام ، من سلالة يافث بن نوح ، وهو أبو الترك ، وقد كانوا يفسدون في الأرض ، ويؤذون أهلها ، فأمر الله سبحانه ذا القرنين فحصرهم في مكانهم داخل السد إلى أن يأذن الله تعالى في خروجهم على الناس ، فيكون من أمرهم ما ذكرنا في الأحاديث .

 

وهم كالناس يشبهونهم كأبناء جنسهم من الترك الغتم ، المغول المخرزمة عيونهم ، الذلف أنوفهم ، الصهب ، شعورهم على أشكالهم وألوانهم ، ومن زعم [ ص: 240 ] أن منهم الطويل كالنخلة السحوق وأطول ، ومنهم القصير كالشيء الحقير ، ومنهم من له أذنان يتغطى بإحداهما ويتوطأ بالأخرى ، فقد تكلف ما لا علم له به ، وقال ما لا دليل عليه ، وقد ورد في حديث أن أحدهم لا يموت حتى يرى من نسله ألف إنسان . فالله أعلم بصحته .

 

قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس الأصبهاني ، حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا المغيرة بن مسلم ، عن أبي إسحاق ، عن وهب بن جابر ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ، ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ، ولن يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا ، وإن من ورائهم ثلاث أمم؟ تاويل ، وتاريس ، ومنسك " . وهذا حديث غريب ، وقد يكون من كلام عبد الله بن عمرو من الزاملتين . والله أعلم .

 

وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الله بن أبي يزيد ، قال : رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون ، فقال ابن عباس : هكذا تخرج يأجوج ومأجوج .== ذكر تخريب الكعبة ، شرفها الله ، على يدي ذي السويقتين الأفحج الحبشي ، قبحه الله

وروينا عن كعب الأحبار في " التفسير " عند قوله تعالى : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج [ الأنبياء : 96 ] أن أول ظهور ذي السويقتين في أيام عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وذلك بعد هلاك يأجوج ومأجوج ، فيبعث إليه عيسى ابن مريم طليعة ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة ، فبينما هم يسيرون إليه إذ بعث الله ريحا يمانية طيبة ، فتقبض فيها روح كل مؤمن ، ثم يبقى عجاج من الناس ، يتسافدون كما تتسافد البهائم . ثم قال كعب : وتكون الساعة قريبة حينئذ . قلت : وقد تقدم في الحديث الصحيح أن عيسى عليه السلام يحج بعد نزوله إلى الأرض .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود الطيالسي ، حدثنا عمران ، عن قتادة ، عن عبد الله بن أبي عتبة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليحجن هذا البيت ، وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج " . انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه عن أحمد بن حفص بن عبد الله ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن [ ص: 242 ] طهمان ، عن حجاج - هو ابن حجاج - عن قتادة بن دعامة به . قال : تابعه أبان وعمران ، عن قتادة . وقال عبد الرحمن ، عن شعبة ، عن قتادة : " لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت " . قال أبو عبد الله : والأول أكثر . انتهى ما ذكره البخاري .

وقد رواه البزار ، عن محمد بن المثنى ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن أبان بن يزيد العطار ، عن قتادة ، كما ذكره البخاري . ورواية عمران بن داود القطان قد أوردها الإمام أحمد ، كما رأيت .

وقال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا شعبة ، عن قتادة; سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدث ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت " . ثم قال : وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد  قلت : ولا منافاة في المعنى بين الروايتين; لأن الكعبة يحجها الناس ويعتمرون بها ، بعد خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم ، وطمأنينة الناس وكثرة أرزاقهم في زمان المسيح ، عليه السلام ، ثم يبعث الله ريحا طيبة ، فيقبض بها روح كل مؤمن ومؤمنة ، ويتوفى نبي الله عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، ويصلي عليه المسلمون ، ويدفن بالحجرة النبوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم يكون خراب الكعبة على يدي ذي السويقتين بعد هذا ، وإن كان ظهوره في زمن المسيح ، كما قال كعب الأحبار ، والله سبحانه أعلم . == ذكر تخريبه إياها ، قبحه الله ، وشرفها

قال الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن عبد الملك ، وهو الحراني ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، . عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ، ويسلبها حليتها ، ويجردها من كسوتها ، ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع ، يضرب عليها بمسحاته ومعوله " . انفرد به أحمد ، وهذا إسناد جيد قوي .

وقال أبو داود : باب النهي عن تهييج الحبشة ، حدثنا القاسم بن أحمد ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا زهير بن محمد ، عن موسى بن جبير ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اتركوا الحبشة ما تركوكم; فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن عبيد الله بن الأخنس ، قال : [ ص: 244 ] أخبرني ابن أبي مليكة - وهو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة - أن ابن عباس أخبره : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كأني أنظر إليه ، أسود أفحج ينقضها حجرا حجرا " . يعني الكعبة .

انفرد به البخاري ، فرواه عن عمرو بن علي الفلاس ، عن يحيى ، وهو ابن سعيد القطان ، به .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا عبد العزيز ، عن ثور ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ذو السويقتين من الحبشة ، يخرب بيت الله " .

ورواه مسلم ، عن قتيبة بن سعيد ، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، به . وبهذا الإسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه " .

ورواه البخاري ، عن عبد العزيز بن عبد الله ، عن سليمان بن بلال ، ومسلم عن قتيبة ، عن عبد العزيز الدراوردي ، كلاهما " عن ثور بن زيد الديلي ، عن أبي الغيث ، سالم مولى ابن مطيع ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله سواء بسواء . وقد يكون هذا الرجل هو ذا السويقتين ، ويحتمل أن يكون غيره; فإن هذا من قحطان ، وذاك من الحبشة . فالله أعلم .

[ ص: 245 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عمر بن الحكم الأنصاري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يذهب الليل والنهار حتى يملك رجل من الموالي يقال له : جهجاه " .

ورواه مسلم عن محمد بن بشار ، عن أبي بكر الحنفي به ، فيحتمل أن يكون هذا اسم ذي السويقتين الحبشي . والله أعلم .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو الزبير ، عن جابر ، أن عمر بن الخطاب أخبره ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سيخرج أهل مكة ثم لا يعبر بها - أو لا يعبر بها إلا قليل - ثم تمتلئ وتبنى ، ثم يخرجون منها ، فلا يعودون فيها أبدا " . ورواه البزار .==فصل ( المدينة النبوية لا يدخلها الدجال )

وأما المدينة النبوية فقد ثبت في الصحيح كما تقدم أن الدجال لا يدخلها ولا مكة ، وأنه يكون على أنقاب المدينة ملائكة يحرسونها منه . وفي " صحيح البخاري " ، من حديث مالك ، عن نعيم المجمر ، عن أبي [ ص: 246 ] هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخلها المسيح الدجال ، ولا الطاعون " . وقد تقدم أنه يخيم بظاهرها ، وأنها ترجف بأهلها ثلاث رجفات ، فيخرج إليه كل منافق ومنافقة ، وفاسق وفاسقة ، ويثبت فيها كل مؤمن ومؤمنة ، ومسلم ومسلمة ، ويسمى يومئذ يوم الخلاص ، وأكثر من يخرج إليه النساء وهي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها طيبة ، تنفي خبثها وينصع طيبها " . وقال الله تعالى : الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون الآية [ النور : 26 ] . والمقصود أن المدينة تكون عامرة أيام الدجال ، ثم تكون كذلك في زمن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله عليه الصلاة والسلام ، حتى تكون وفاته بها ، ودفنه بها ، ثم تخرب بعد ذلك . كما قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : أخبرني عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليسيرن الراكب في جنبات المدينة ، ثم ليقول : لقد كان في هذا حاضر من المؤمنين كثير " . قال الإمام أحمد : ولم يجز به حسن الأشيب جابرا . انفرد بهما أحمد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابع أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار

أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار   ج1وج2. ج / 1 ص -3- بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق: لا نعرف عن بدايات التأليف في...