اللهم استجب

سبحانك وبحمدك وأستغفرك أنت الله الشافي الكافي الرحمن الرحيم الغفار الغفور القادر القدير المقتدر الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور... الواحد الأحد الواجد الماجد الملك المغيث لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ..لك الملك ولك الحمد وأنت علي كل شيئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بك وأستغفرك اللهم بحق أن لك هذه الأسماء وكل الأسماء الحسني وحق إسمك الأعظم الذي تعلمه ولا أعلمه أسألك أن تَشفني شفاءا لا يُغادر سقما وأن تَكفني كل همي وتفرج كل كربي وتكشف البأساء والضراء عني وأن تتولي أمري وتغفر لي ذنبي وأن تشرح لي صدري وأن تُيسر لي أمري وأن تحلل عُقْدَةً  من لساني يفقهوا قولي وأن تغنني بفضلك عمن سواك اللهم أصلحني: حالي وبالي وأعتقني في الدارين وخُذ بيدي يا ربي وأخرجني من الظلمات الي النور بفضلك  وأن ترحم وتغفر لوالديَّ ومن مات من اخوتي وان تغفر لهم أجمعين وكل من مات علي الايمان والتوبة اللهم آمين  //اللهم تقبل/ واستجب//https://download.tvquran.com/download/selections/315/5cca02c11a61a.mp3

المصحف

 تحميل المصحف

القرآن الكريم وورد word doc icon تحميل المصحف الشريف بصيغة pdf تحميل القرآن الكريم مكتوب بصيغة وورد تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 مايو 2022

الزم رجلها فثم الجنة المؤلف صالح بن راشد الهويمل + كتاب سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للشيخ السحيم

 


الزم رجلها فثم الجنة -صالح بن راشد الهويمل 

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وبعد.

فيا بُني: إن حق الوالدين عظيم عند الله، ولذلك قَرَن الله عزَّ وجلَّ عبادته ببر الوالدين، يقول الله تعالى: }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{ [الإسراء: 23، 24]. وقال تعالى: }وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ [النساء: 36]. وقال تعالى: }قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ [الإنعام: 151]. ولعِظَم مكانتهما أَمَرَنا الله بالإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف حتى مع كفرهما، بل وهما يجاهدانك على أن تشرك بالله ما ليس لك به علم، قال تعالى: }وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا{ [لقمان: 15].

ولِعِظَم شأنهما قدَّم الرسول r برَّهما على الجهاد في سبيل الله، فعن عبد الله بن مسعود t قال: سألت رسول الله r: أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة في وقتها»، قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» [متفق عليه].

بعض ثمرات بر الوالدين:

يا بُني: إن من ثمرات بر الوالدين في الدنيا تفريج الكرب، وذهاب الهموم والأحزان، فقد جاء في قصة الثلاثة الذين آواهم الغار عن المطر، ثم انغلق عليهم بصخرة فدعوا الله بصالح أعمالهم، فكان أحدهم قد برَّ بوالديه، فدعا الله عزَّ وجلَّ بهذا العمل الصالح، فكان سببًا في تفريج كربتهم، ففي هذه الحادث يوقن المؤمن أن إرضاء والديه سبب في حلول الفرج.

أما ثمرة الآخرة فهي جنة عرضها السماوات والأرض بعد رحمة الله، فعن معاوية بن جاهمة t: كنت مع النبي r أستشيره في الجهاد، فقال النبي r: «ألك والدان؟» قلت: نعم، قال: «الزمهما فإن الجنة تحت رجلهما» [صحيح الترغيب والترهيب].

أعظم البر:

ثم اعلم أن من البر دعوة الوالدين إلى الإسلام، أو دعوتهم إلى طاعة الله وترك المعصية، بل إنه من أعظم البر؛ لأن فيه النجاة من عذاب الله، ولكن يجب أن تكون الدعوة لهم برفق ولين كما ذكر الله عن إبراهيم u.

قال تعالى: }وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا{ [مريم: 41-45].

فتفكَّر يا بني في أسلوب النداء المصدر بالاحترام مع أن الأب مشرك بالله.

يا بُني: اعلم أنه يندرج تحت هذا الأسلوب أن تحاول جاهدًا إقناع والديك بإخراج جهاز التقاط القنوات الفضائية، فإن في إخراجه برًّا بوالديك بل لجميع أسرتك، فلا تيأس أو تحتقر نفسك فلربما يكون صلاح الأسرة بيدك، ولكن بأسلوب حسن محبب إلى النفوس؛ لتلقى بذلك استجابة من الوالدين، بل من جميع أسرتك.

مواصلة البر:

ثم اعلم يا بني أن البر لا ينقطع عن الوالدين حتى بعد موتهما، فعن مالك بن ربيعة الساعدي t قال: بينما أنا جالس عند رسول الله r إذ جاءه رجل من الأنصار، قال: يا رسول الله، هل بقي عليَّ من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: «نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما».

ولذلك يرفع الله الدرجات للوالدين في الجنة بسبب استغفار الولد لهما، فعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: «إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول أنى لي هذا؟ فيُقال: باستغفار ولدك لك».

 

التحذير من عقوق الوالدين:

يا بُني: وكما أن المولى عزَّ وجلَّ قَرَنَ الإحسان إلى الوالدين وشُكْرهما بشُكْره، فقد قَرَن رسول الله r عقوق الوالدين بالشرك بالله، فعن بكرة t قال: قال رسول الله r: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال r: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين». وكان متكئًا فجلس، فقال: «ألا وقول الزور، وشهادة الزور»، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.

ولقد لعن الله العاق لوالديه، فقد قال r: «لعن الله مَن عقَّ والديه» واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.

وعن رسول الله r قال: «لو علم الله أدنى من الأف لنهى عنه، فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة، وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار».

وقال كذلك: «لعن الله مَن سبَّ أباه، لعن الله مَن سبَّ أمه». وقال كذلك: «كل الذنوب يؤخِّر الله منها ما شاء يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإنه يعجِّل لصاحبه» [رواه البخاري]. يعني يعجِّل له العقوبة قبل يوم القيامة.

ثم اعلم يا بني أن إحسان والديك عليك شيء عظيم، وفضلهما سابق، فتأمَّل معي حال صغرك وتذكَّر ضعف طفولتك؛ فقد حملتك أمك في بطنها تسعة أشهر وهنًا على وهن، حملتك كرهًا ووضعتك كرهًا، تزيدها بنموك ضعفًا، وتحملها فوق طاقتها عناء، وهي ضعيفة الجسم، واهنة القوة. فعند الوضع رأت الموت بعينيها، ولكن عندما أبصرتك إلى جنبها نسيت آلامها، فلما رأتك علقت فيك آمالها، ورأت فيك بهجة الحياة وزينتها، ثم انصرفت إلى خدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها، وتنميك بهزالها، وتقويك بضعفها، فطعامك درها، وبيتك حجرها، ومركبك يداها، تحيطك وترعاك، تجوع لتشبع، وتسهر لتنام، فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة، إذا غابت عنك دعوتها، وإذا أعرضت عنك ناجيتها، وإذا أصابك مكروه استغثت بها، تحسب كل الخير عندها، وتظن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لاحظتك بعينها.

تخاف عليك رقة النسيم وطنين الذباب، وتؤثرك على نفسها بالغذاء والراحة، فلما تم فصالك في عامين وبدأت بالمشي، أَخَذَت تحيطك بعنايتها، وتتبعك نظراتها، وتسعى وراءك خوفًا عليك، وبقيت ترعاك وتحنو عليك حتى آخر لحظاتها من الدنيا.

أما أبوك فأنت له مجبنة مبخلة، يكد ويسعى ويدفع عنك صنوف الأذى، ينتقل في الأسفار، ويجوب الفيافي والقِفار، ويتحمل الأخطار، بحثًا عن لقمة العيش؛ لينفق عليك، إذا دخلت عليه هش، وإذا أقبلت إليه بش، وإذا خرج تعلَّقت به، وإذا حضر احتضنت حجره وصدره، تخوف الناس بأبيك، وتتوعدهم بفعل أبيك، فهذان هما والداك، وتلك هي طفولتك، فلِمَ تنكر الجميل؟!

رسالة من أم مكلومة:

يا بني: هذه رسالة مكلومة من أم مسكينة كتَبَتْها على استحياء بعد تردُّد وطول انتظار، أَمْسَكَت بالقلم مرَّات فحجزته الدمعة، وأوقفت الدمعة مرات فجرى أنين القلب، فاقرأ ما كتبت:

يا بُني: بعد هذا العمر أراك رجلاً سويًا مكتمل العقل ومتزن العاطفة، من حقي عليك أن تقرأ هذه الورقة، وإن شئت بعد فمزِّقها، كمما مزَّقت أطراف قلبي من قبل.

يا بُني: منذ خمسة وعشرين عامًا كان يومًا مشرقًا في حياتي عندما أَخْبَرَتْني الطبيبة أنني حامل، والأمهات يا بني يعرفن معنى هذه الكلمة جيدًا، فهي مزيج من الفرح والسرور، وبداية معاناة مع التغيرات النفسية والجسمية، وبعد هذه البشرى حَمَلْتك تسعة أشهر في بطني فرحة، جذلة أقوم متثاقلة، وأنام بصعوبة، وآكل مرغمة، وأتنفس بألم، ولكن كل ذلك لم ينقص من محبَّتي لك وفرحي بك، بل نَمَت محبتك مع الأيام وترعرع الشوق إليك، حملتك – يا بني – وهنًا على وهن، وألمًا على ألم، أفرح بحركتك، وأُسَر بزيادة وزنك، وهو حِمل عليَّ ثقيل، إنها معاناة طويلة، أتى بعدها فجر تلك الليلة التي لم أنم فيها، ولم يغمض لي فيها جفن، ونالني من الألم والشدة والرهبة والخوف ما لا يصفه القلم ولا يتحدث عنه اللسان، ورأيت بأم عيني الموت مرات عدة، حتى خرجت إلى الدنيا فامتزجت دموع صراخك بدموع فرحي وأزالت كل آلامي وجراحي.

يا بُني: مرَّت سنوات من عمرك وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي، جعلت حجري لك فراشًا، وصدري لك غذاءً، أسهرت ليلي لتنام، وأتعبت نهاري لتسعد.

أمنيتي أن أري ابتسامتك، وسروري كل لحظة أن تطلب مني شيئًا أصنعه لك، فتلك هي منتهي سعادتي.

ومرَّت تلك الليالي والأيام وأنا على تلك الحال خادمة لم تقصر، ومرضعة لم تتوقف، وعاملة لم تفتر، حتى اشتدَّ عودك، واستقام شبابك، وبَدَأَت تظهر عليك معالم الرجولة، فإذا بي أجري يمينًا وشمالاً لأبحث لك عن المرأة التي طَلَبْت، وأتى موعد زفافك فتقطَّع قلبي وجرت مدامعي فرحة بحياتك الجديدة وحزنًا على فراقك.

ومرَّت الساعات ثقيلة، فإذا بك لست ابني الذي أعرفك، لقد أنكرتني وتناسيت حقي، تمر الأيام لا أراك ولا أسمع صوتك، وتجاهلت مَن قامت بك خير قيام – يا بني – لا أطلب إلا القليل، اجعلني من أطرف أصدقائك عندك، وأبعدهم حظوة لديك، اجعلني – يا بني – إحدى محطات حياتك الشهرية؛ لأراك فيها ولو لدقائق – يا بني - احدودب ظهري، وارتعشت أطرافي، وأنهكتني الأمراض، وزارتني الأسقام، لا أقوم إلا بصعوبة، ولا أجلس إلا بمشقة، ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك، لو أكرمك شخص يومًا لأثنيت على حُسن صنيعه وجميل إحسانه، وأمك أحسنت إليك إحسانًا لا تراه ومعروفًا لا تجازيه، لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات، فأين الجزاء والوفاء؟

إلى هذا الحد بلغت بك القسوة وأخذتك الأيام – يا بني – كلما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري، ولكني أتعجب وأنت صنيع يدي ،وأتساءل أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوَّة لك لا تطيق رؤيتي وتتثاقل عن زيارتي؟ هل أخطأت يومًا في معاملتك أو قصَّرت لحظة في خدمتك؟ اجعلني من سائر خدمك الذين تعطيهم أجورهم، امنحني جزءًا من رحمتك، ومنَّ عليَّ ببعض أجري وأحسِن، فإن الله يحب المحسنين.

يا بني – أتمنى رؤيتك لا أريد سوى ذلك، دعني أرى عبوس وجهك وتقاطيع غضبك – يا بني – تفطر قلبي وسالت مدامعي وأنت حي ترزق، ولا يزال الناس يتحدثون عن حُسن خلقك وجودك وكرمك – يا بني – أما آن لقلبك أن يرق لامرأة ضعيفة أضناها الشوق، وألجمها الحزن، جعلت الكمد شعارها، والغم دثارها، أجريت لها دمعًا، وأحزنت منها قلبًا، وقطعت لها رحمًا، لن أرفع الشكوى، ولن أبث الحزن؛ لأنها إن ارتفعت فوق الغَمام واعتلت إلى باب السماء أصابك شؤم العقوق، ونزلت بك العقوبة وحلَّت بدارك المصيبة، لا لن أفعل، لا تزال – يا بني – فلذة كبدي، وريحانة حياتي، وبهجة دنياي.

أفق – يا بني – بدأ الشيب يعلو مفرقك، وتمر سنوات ثم تصبح أبًا شيخًا، والجزاء من جنس العمل، وستكتب رسائل لابنك بدموع مثلما كتبتها إليك، وعند الله تجتمع الخصوم – يا بني – اتق الله في أُمك، كفكف دمعها، وخفف حزنها، وإن شئت بعد ذلك فمزِّق رسالتها، واعلم أن }مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا{.

 

ذكرى:

يا بُني: بعد قراءتك للرسالة تَذَكَّر زمن حمل أمك بك وأنت في بطنها، علة من أكبر العلل، وتذكَّر وقت أن كانت تلدك وهي مما بها لا من الأحياء ولا من الأموات، وتذكَّر ما خرج عقب ولادتك من نزيف الدم الذي هو نفسها، وتذكَّر أنك كنت تمصَّ دمها مدة الرضاعة وسرورها بك تقصر عن شرحه العبارات، وتذكَّر تنظيفها لبدنك وملابسك من الأقذار، وتذكَّر فزعها عندما يعتريك خوف أو مرض أو نحو ذلك، وتذكَّر دفاعها عنك إذا اعتدى عليك معتد، وتذكَّر حرصها الشديد على أن تعيش لها ولو حُرِمَت لذَّة الطعام والشراب، وتذكَّر سهرها عليك عندما يؤلمك شيء من جسدك، وتذكَّر كد والدك مدى الليالي والأيام، وكلما خشي أن تجوع تقحم الشدائد، وهام على وجهه في الدنيا لا يرده إلا أن يراك في سرور، وتذكَّر عنايته بك في تعليمك وتوجيهك إلى ما فيه صلاح دينك ودنياك، وتذكَّر حياطته ونصحه لك ومقاساة الشدائد لراحتك، وتذكَّر فرحه واستبشاره بمجيئك ونجاحك، وتذكَّر دفاعه عنك بيده ولسانه، وتذكَّر دعاءه لك في مظنَّة أوقات الإجابة أن يصلحك الله ويوفقك، وتذكَّر قلقهما والبحث عنك إذا تأخرت عن وقت المجيء، وتذكَّر وتأمَّل بشاشتهما فيمن يعز عليك لسرورهما فيما يسرك، من أجل ذلك أكَّد الله وشدَّد عليك بالوصية بهما }وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{ [الإسراء: 24].

وقفة:

يا بني: كم ساعات قضى فيها المسلم للوالدين حاجات غفر الله عزَّ وجلَّ بها الذنوب والخطيئات، وفرَّج بها الهموم والكُرُبات، كم ولد بار أو فتاة بارة قاما من عند والديهما بعد سلام أو طيب كلام أو هدية متواضعة، وقد فتحت أبواب السماء لدعوات مستجابة لهما من والديهما الضعيفين الكبيرين، فاتق الله – يا بني – في شأن الوالدين، سيما إذا بَلَغَا من الكِبَر والسن ما بلغا، سيما إذا وهن العظم منهما واشتعل الرأس شيبًا، سيما إذا بلغت لهما الحال ما بلغت وأصبحا ينظران إليك نظر الذي ينتظر منك لقمة أو أعطية أو لباسًا أو طعامًا، اتق الله في الوالدين، فوالله ما جزيتهما بما فعلا.

صور من البر مشرقة:

يا بُني: يقول الله عز وجل: }لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ{ [يوسف: 111].

يا بُني: لعلِّي أرجع بك إلى العهد الزاهر، عهد الرسول r، لترى صورا من البر والمتمثلة في قصة إسلام أم أبي هريرة، ولندع أبا هريرة يرويها لنا، وهو بذلك يطبق صور البر لوالديه، فقال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة؛ فدعوتها يومًا فأسمعتني في رسول الله r ما أكره، فأتيت رسول الله وأنا أبكي؛ قلت: يا رسول الله، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليَّ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله r: «اللهم اهد أم أبي هريرة» فخرجت مستبشرًا بدعوة رسول الله، فلمَّا جئت وصرت بالباب فإذا هو مجاف، فسَمِعَت أمي صوت قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسَمِعْت خضخضة الماء، قال: فاغتسَلَت ولَبَست درعها، وفتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

قال: فرجعت إلى رسول الله وأنا أبكي من الفرح، فقلت: يا رسول الله، أبشر، قد استجاب الله دعوتك وهدى أُمَّ أبي هريرة.

وكان أبو هريرة إذا دخل على أمه قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، رحمك الله كما ربيتني صغيرًا، فترد عليه: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، رحمك الله كما بررتني كبيرة.

ولقد رأى ابن عمر رجلاً يطوف بالبيت وقد حمل أمه وراء ظهره، فقال: هل ترى أني جازيتها يا ابن عمر؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة.

وعن بعض آل سيرين قالوا: ما رأينا محمد بن سيرين يكلِّم أمه إلا وهو يتضرع.

وكان زين العابدين – من سادات التابعين – وكان كثير البِر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، قال: إني أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها.

وهذا عبد الله بن عون، نادته أمه، فعلى صوته صوتها، فاعتق رقبتين.

 

صور من العقوق مؤلمة:

وعلى النقيض من تلك الصور المشرقة، صور مؤلمة.

في الأثر أنه جاء رجل إلى رسول الله r وقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي!! فقال r: «اذهب وادع لي أباك»، فلمَّا جاء الأب الشيخ الكهل الكبير العجوز ووقف بين يدي رسول الله r، فقال عليه الصلاة والسلام: «ما بالك تريد أن تجتاح مال ولدك؟» قال الشيخ العجوز: يا رسول الله، سله وهل أنفقته إلا على أمه وأخواته؟!

قال عليه الصلاة والسلام: «هيه أسمعني أبياتًا قلتها ما تحركت بها شفتاك» فقال الرجل: أشهد إنك لرسول الله وأني قلت في شأنه:

غذوتك مولودًا وعِلْتك يافعًا

 

تعل بما أجني عليك وتنهل

إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت

 

بسقمك إلا ساهرًا أتململ

كأني أنا المطروق دونك بالذي

 

طرقت به دوني وعيني تهمل

فلما بلغت السن والغاية التي

 

إليك مدى ما كنت فيك أؤمل

جعلت جزائي غلظة وفظاظة

 

كأنك أنت المنعم المتفضل

فليتك إذا لم ترع حق أبوَّتي

 

فعلت كما الجار المجاور يفعل

فأوليتني حق الجوار ولم تكن

 

عليّ بمال دون مالك تبخل

فالتفت النبي r وقال: «أتسمع، أنت ومالك لأبيك، أنت ومالك لأبيك، أنت ومالك لأبيك».

وقد ذُكِرَ أن عاقًا كان يجرُّ أباه برجله إلى الباب ليخرجه من الدار، فكان له ولدٌ أعقَّ منه، فكان يجر أباه إلى الشارع، فإذا بلغ به الباب، قال له الأب: حسبك، ما كنت أجر أبي إلا إلى هذا المكان، فيقول له ولده: هذا جزاؤك، والزائد صدقة مني عليك.

وذُكِرَ أيضًا أن رجلاً كان مكبًا على اللهو واللعب، وكان له والد صاحب دين، كثيرًا ما كان يعظ هذا الابن، فيقول له: يا بني، احذر هفوات الشباب وعثراته، فإن لله سطوات ونقمات ما هي من الظالمين ببعيد، وكان إذا ألحَّ عليه زاد في العقوق وجار على أبيه، وفي يوم من الأيام ألحَّ على ابنه في النُّصح، فمد الولد يده على أبيه، فحلف الأب بالله ليأتينَّ بيت الله الحرام ويدعو على ولده، فخرج حتى انتهى إلى بيت الله الحرام، فتعلَّق بأستار الكعبة، ودعا على ولده بأن يشل منه جانبه، حتى قيل أنه ما استتم كلامه حتى يبس شق ولده الأيمن.

وهذه أُم مسكينة تروي قصَّتها فتقول: ذات يوم طَلَبَت الزوجة من ابني أن يضعني في غرفة منفصلة خارج المنزل، ولم يتردد بل وافقها، وعندما خيَّم الشتاء وجاء البرد القارص، حاولت ذات ليلة دخول المنزل فإذا الأبواب مقفلة في وجهي فلسعني البرد وساءت حالتي وحملني ابني زيادة على هذا، وكنت أظن أنه سيذهب بي إلى أحد المستشفيات، وإذا به يلقي بي في دار الرعاية الاجتماعية، ولم يسأل عني بعد ذلك.. ولسان حالها يقول: يا فلذة كبدي، لقد كان بطني لك وعاء، وثديي لك سقاء، يا ولدي حملتك تسعة أشهر، وأرضعتك حولين كاملين، يا ولدي غسلت نجاستك بيدي، وأسهرتني الليالي والأيام.

يا بُني:

فلا تطع زوجة في قطع والدة

 

عليك يا ابن أخي قد أفنت العمرا

فكيف تنكر أُمَّا ثقلك احتملت

 

وقد تمرغت في أحشاءها شهرا

وعالجت بك أوضاع النفاس وكم

 

سرت لما ولدت مولودها ذكرا

وأرضعتك حولين مكملة

 

في حجرها تستقي من ثديها الدررا

ومنك ينجسها ما أنت راضعه

 

منها ولا تشتكي نتنًا ولا قذرا

وقل هو الله بالآلاف تقرؤها

 

خوفًا عليك وترخي دونك السترا

وعامتلك بإحسان وتربية

 

حتى استويت وحتى صرت كيف ترى

فلا تفضل عليها زوجة أبدًا

 

ولا تدع قلبها بالقهر منكسرا

يا بُني: بعدمنا قرأنا عن فضل البِر، والصور المشرقة في بِر الوالدين، وجزاء العقوق والتحذير من الله ورسوله، فإياك يا بني وعقوق والديك فإن الإثم كبير وجزاؤه عند الله عظيم.

يا بُني أنت اليوم ابن، وغدًا بإذن الله تكون أبا، وستري صدق رسالتي. =

سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

الشيخ عبدالرحمن السحيم 

اسمه – على الصحيح - : عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .

كنيته : أبو بكر

لقبه : عتيق ، والصدِّيق .

قيل لُقّب بـ " عتيق " لأنه :

= كان جميلاً

= لعتاقة وجهه

= قديم في الخير

= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .

وقيل غير ذلك

 

ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !

وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )

جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .

ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .

 

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "

روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .

 

وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

 

مولده : ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر

 

صفته : كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .

وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

 

فضائله : ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم

قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

 

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها .

 

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

 

وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم

قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )

قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .

وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

 

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .

ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال  :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

 

ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

 

وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

 

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

 

وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها

 

فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس

في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .

ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!

 

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

 

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله   إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

 

وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه

قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

 

وكان أبو بكر ممن يُـفتي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم

ولذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

 

وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .

 

وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

 

ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت :  من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .

 

ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخـاً له .

روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .

 

ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه

قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )

وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .

وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين

قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

 

وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم

فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .

 

ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها

قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

 

ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟

قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .

قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟

قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .

قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟

قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .

قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟

قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .

 

ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك    ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه  وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .

 

وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله

قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

 

وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .

 

ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه

 

قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مرتين .

وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .

فهو يفتخر في جّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟

قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .

وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .

 

ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .

وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .

وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .

 

قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله :

ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ  في قلبه .

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ  كَلامَ  مُحَقِّقٍ  في قَولِه = لا  يَنْثَني   عَنهُ   ولا  يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ   القُرْبى   بِها  أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ   قَدْرٌ  وَفَضْلٌ  ساطِعٌ = لكِنَّما   الصِّديقُ  مِنْهُمْ  أَفْضَل

 

وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام

فقد كان بيت أبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار

وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنه وعنها

 

قال ابن الجوزي رحمه الله :

أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :

أبو قحافة

وابنه أبو بكر

وابنه عبد الرحمن

وابنه محمد

 

أعماله :

 

من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .

ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين

فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، في موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذي عُرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات الله

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .

 

لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .

فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمانه .

ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .

 

وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق

 

وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن

 

وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .

 

وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِـمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .

 

وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .

 

زهـده :

 

مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا

 

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .

 

ورعـه :

 

كان أبو بكر رضي الله عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة

 

قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري . 

وفاته :

توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة . 

فرضي الله عنه وأرضاه وجمعنا به في دار كرامته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابع أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار

أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار   ج1وج2. ج / 1 ص -3- بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق: لا نعرف عن بدايات التأليف في...