اللهم استجب

سبحانك وبحمدك وأستغفرك أنت الله الشافي الكافي الرحمن الرحيم الغفار الغفور القادر القدير المقتدر الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور... الواحد الأحد الواجد الماجد الملك المغيث لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ..لك الملك ولك الحمد وأنت علي كل شيئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بك وأستغفرك اللهم بحق أن لك هذه الأسماء وكل الأسماء الحسني وحق إسمك الأعظم الذي تعلمه ولا أعلمه أسألك أن تَشفني شفاءا لا يُغادر سقما وأن تَكفني كل همي وتفرج كل كربي وتكشف البأساء والضراء عني وأن تتولي أمري وتغفر لي ذنبي وأن تشرح لي صدري وأن تُيسر لي أمري وأن تحلل عُقْدَةً  من لساني يفقهوا قولي وأن تغنني بفضلك عمن سواك اللهم أصلحني: حالي وبالي وأعتقني في الدارين وخُذ بيدي يا ربي وأخرجني من الظلمات الي النور بفضلك  وأن ترحم وتغفر لوالديَّ ومن مات من اخوتي وان تغفر لهم أجمعين وكل من مات علي الايمان والتوبة اللهم آمين  //اللهم تقبل/ واستجب//https://download.tvquran.com/download/selections/315/5cca02c11a61a.mp3

المصحف

 تحميل المصحف

القرآن الكريم وورد word doc icon تحميل المصحف الشريف بصيغة pdf تحميل القرآن الكريم مكتوب بصيغة وورد تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 مايو 2022

مِنْ سِيَرِ عُلَماءِ السلفِ عِنْدَ الفتنِ «مُُطَرِّف بن عَبد الله بن الشِّخِّير نموذجاً»

 

مِنْ سِيَرِ عُلَماءِ السلفِ عِنْدَ الفتنِ

«مُُطَرِّف بن عَبد الله بن الشِّخِّير نموذجاً» 

وفيه بيانٌ للمنهج السليم

في التعامل مع الفتن

في ضوء الكتاب والسنة الصحيحة

 

إعداد

د. علي بن عبد الله الصيَّاح

 

الطبعة الثانية

مزيدة ومنقحة

(الردمك) 


صفحة رقم (4)

فاضيه

توضع في ظهر الصفحة السابقة 

الحمد لله أوَّلاً وآخراً، ظاهراً وباطناً، أحمده حمدا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على أشرف أنبيائه ورسله وعلى آله وصحبه وسلم.

أمّا بعد:

فهذه الطبعةُ الثانية من كتابي «مِنْ سِيَرِ عُلَماءِ السلفِ عِنْدَ الفتنِ» بعد أن نفدت الطبعة الأولى في أقل من خمسة أشهر ولله الحمد والمنة والفضل، وأحب أن أنبه في هذه التقدمة على أمور:

الأوَّل: أنَّ هذا الكتاب ألفته متجرداً للحق، متبعا الكتاب والسنة الصحيحة، معتنيا فيه بفهوم سلف الأمة، قاصداً أن يعلم شباب الأمة أنَّ منهج السلف في هذا الباب منهجٌ معتدلٌ.. موافق للعقل والنقل.. والفطرة السوية.. فيه صلاحُ العباد والبلاد.

الثانـي: أنّ في تأليف هذا الكتاب إسهاماً متواضعا في تصحيح مسار هذه الصحوة المباركة التي أرقت أعداء الدين والملة فباتوا يخططون الليل والنهار لوأدها والقضاء عليها بحجج واهية وأساليب ماكرة ولكن: â $tBur tbrãà6ôJtƒ žwÎ) öNÎkŦàÿRr'Î/ $tBur tbráãèô±o á [الأنعام:123]، وقال تعالى: â tbrãä3ôJtƒur ãä3ôJtƒur ª!$# ( ª!$#ur ãŽöyz tûï͍Å6»yJø9$# á [الأنفال:30]، وقال سبحانه: â šcr߃͍ムbr& (#qä«ÏÿôÜムuqçR «!$# óOÎgÏd¨uqøùr'Î/ n1ù'tƒur ª!$# HwÎ) br& ¢OÏFム¼çnuqçR öqs9ur on͍Ÿ2 šcrãÏÿ»s3ø9$# ÇÌËÈ á [التوبة:32]، وقال سبحانه: â tbr߃͍ム(#qä«ÏÿôÜãÏ9 uqçR «!$# öNÎgÏd¨uqøùr'Î/ ª!$#ur LÉêãB ¾ÏnÍqçR öqs9ur on͍Ÿ2 tbrãÏÿ»s3ø9$# ÇÑÈ á [الصف:8].

وهذه الهجمة الشرسة من لدن أعداء الدين والملة ينبغي أن تقابل من حماة الدين وحرّاس العقيدة بحماسة الشباب وعقول الشيوخ.. – وكلُّ حالٍ له مقال! –، والقضية التي لا أحتشِمُ منها ولا أهابُ الخصومة فيها أنَّ من أكبر ما نفع الأعداء والحاقدين في هذا العصر طَيْشاً عابرا.. وفكرة عجلى لم تبن على برهان من كتاب أو سنة أو حتى فهم سليم! والله المستعان.

الثالث: أشكر جميع الأخوة الذين قدموا لي ملحوظاتهم ومرئياتهم حول الكتاب وأخص منهم الأستاذ النبيه: علي بن محمد بن شفلوت، كما أشكر الأخ الشيخ: عمر المقبل على نظراته الصائبة وسعيه الحثيث لطبع الكتاب طبعة خيرية فجزاهم الله خيرا، وكل من ساهم في نشر هذا الكتاب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلى اللهُ على عبدهِ ورسولهِ خاتمِ النبيين، وعلى آله وصحبهِ ومن تبعهم بإحسان وسلّم تسليماً كثيراً.

وبعد:

يسّر الله بمنه وفضله كتابة مقال بعنوان "مِنْ وَصايا العلماء عِنْدَ الفتنِ واشتباه الأمور"([1]) ومما جاء فيه:«إنّ الحديثَ عن الفتن وما ورد فيها من الآيات والأحاديث أخذ جانباً من عناية المحدثين فقلما يخلو كتاب من كتب السنة – كصحيح البخاريّ، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي وغيرها كثير – من كتاب أو باب "الفتن"، قال الإمامُ البُخاريُّ في صحيحهِ:«كتاب الفتن، باب ما جاء في قول الله تعالى: â (#qà)¨?$#ur ZpuZ÷FÏù žw ¨ûtùÅÁè? tûïÏ%©!$# (#qßJn=sß öNä3YÏB Zp¢¹!%s{ ( á  [الأنفال:25] وَمَا كَانَ النَّبِيُّ @ يُحَذِّرُ مِنْ الْفِتَن».

بل إنَّ من أوائل الأبواب التي أفردت بالتصنيف عند المحدثين «باب
الفتن» فقد صنف فيه نعيم بن حمّاد الخزاعي (ت228) كتاباً – وهو مطبوع – وغيره.

ونحن في هذا الزمان – زمانُ الفتنِ بألوانها – بحاجة لتأمل الآيات والأحاديث الواردة في الفتن، وأخذ العبر والعظات والأحكام، والخروج بفقه ما ينبغي عمله عِندَ الفتن في ضوء كتاب الله وسنة رسوله @، قال عبد الرحمن بن أبزي: قلتُ لأبي بن كعب لمَّا وَقَعَ النّاسُ في أمر عثمان: أبا المنذر ما المخرج؟ قال: كتابُ الله ما استبان لك فاعمل به، وما اشتبه عليك فكله إلى عالمه([2]).

وكذا دراسة هدي صحابة رسول الله @ ومسلكهم عند الفتن التي مرت بهم بدءاً من فتنة مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان >.

قال أحمدُ بنُ حنبل حدثنا إسماعيل قال: حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين قال: "هاجتْ الفتنة وأصحابُ رسول الله @ عشرة آلاف فما خف فيها منهم مائة، بل لم يبلغوا ثلاثين"([3])».

فرأيتُ امتداداً لما طرحته في المقال أن أذكر منهج أحد علماء السلف في التعامل مع الفتن منبهاً أنَّ للفتن فقهاً لا يعقله إلاّ من استضاء بنور الكتاب والسنة فجَمَع بين القوة العلمية والقوة العملية، قال ابنُ القيّم: «فمن الناس من تكون له القوة العلمية الكاشفة عن الطريق، ومنازلها، وأعلامها، وعوارضها ومعاثرها، وتكون هذه القوة أغلب القوتين عليه، ويكون ضعيفاً في القوة العملية، يبصر الحقائق، ولا يعمل بموجبها، ويرى المتالف والمخاوف والمعاطب ولا يتوقاها، فهو فقيه ما لم يحضر العمل، فإذا حضر العمل شارك الجهال في التخلف، وفارقهم في العلم، وهذا هو الغالب على أكثر النفوس المشتغلة بالعلم، والمعصـوم من عصمه الله ولا قوة إلا بالله.

ومن الناس من تكون له القوة العملية الإرادية وتكون أغلب القوتين عليه، وتقتضي هذه القوة السير، والسلوك، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، والجِد، والتشمير في العمل، ويكون أعمى البصر عند ورود الشبهات في العقائد والانحرافات في الأعمال والأقوال والمقامات، كما كان الأول ضعيف العقل عند ورود الشهوات، فَداءُ هذا من جهله، وداء الأول من فساد إرادته وضعف عقله، وهذا حال أكثر أرباب الفقر والتصوف السالكين على غير طريق العلم، بل على طريق الذوق والوجد والعادة... ومن كانت له هاتان القوتان: استقام له سيره إلى الله، ورُجي له النفوذ، وقوي على رد القواطع والموانع – بحول الله وقوته –، فإن القواطع كثيرة شأنها شديد لا يخلص من حبائلها إلا الواحد بعد الواحد، ولولا القواطع والآفات لكانت الطريق معمورة بالسالكين، ولو شاء الله لأزالها وذهب بها، ولكن الله يفعل ما يريد، والوقت – كما قيل – سيف فإن قطعته وإلا قطعك.فإذا كان السير ضعيفاً، والهمة ضعيفة، والعلم بالطريق ضعيفاً، والقواطع الخارجة والداخلة كثيرة شديدة، فإنه جهد البلاء، ودرك الشقاء، وشماتة الأعداء، إلا أن يتداركه الله برحمة منه من حيث لا يحتسب، فيأخذ بيده ويخلصه من أيدي القواطع، والله ولي التوفيق»([4])، وكان لسلفنا الصالح حظٌ وافرٌ من هاتين القوتين قَالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية: «ومَنْ آتاه اللهُ علماً وإيماناً عَلِمَ أنّه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق إلا ما هُو دونَ تحقيقِ السلفِ لا في العلم ولا في العمل»([5]).

ومن هؤلاء – السلف الصالح –: مُطَرِّف بنُ عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ الذي
عاصر فتناً عظيمة فوفق للنجاة منها، قال العجليُّ: «تابعيٌّ، ثقةٌ من
خِيَار التابعين، رجلٌ صالحٌ، وكان أبوه من أصحاب النبيّ @، ولَمْ يَنْجُ
مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ بِالبَصْرَةِ إلا رجلان: مُطَرِّف بن عبدالله، ومحمَّد بْنُ
سِيْرِيْنَ، ولَمْ يَنْجُ منها بالكوفة إلا رجلان: خيثمة بن عبدالرحمن الجعفي، وإبراهيم النخعي»([6]).  وقال ثابت البناني:«إنَّ مُطَرِّف بن عبد الله قال: لبثتُ في فتنةِ ابنِ الزبير([7]) تسعاً أو سبعاً ما أُخبرت فيها بخبر، ولا أستخبرتُ فيها عن خَبَر»([8]).

وإليك أخي القارئ الكريم نبذةً يسيرة عن هذا الإمام ومنهجه في الفتن من خلال النقاط التالية:

1 – نبذة تعريفية بمُطَرِّف بن عبد الله بن الشخير ومكانته في العلم والعمل، ومن هذه النقطة يُعرف أنَّ الرجل ممن جَمَعَ بين القوة العلمية والقوة العملية، وتُعرف مكانته و جلالته في ذلك العصر، وأنَّه أهلٌ لأنْ يؤخذ عنه، ويقتدى به.

2 – ذكر بعض أقوال مُطَرِّف بن عبد الله الدالة على رجاحة عقله، وحكيم كلامه.

3 – منهج مُطَرِّف بن عبد الله في الفتن من خلال سيرته وأقواله، وفيها: بيان الفتنة العظيمة التي وقعت في زمانه، والتي ذُكر أنه وفق للنجاة منها، ثم بيان منهجه في التعامل معها... وأبرز سمات هذا المنهج مع عرضها على الكتاب والسنة، لأنَّ الكتاب والسنة هما المصدران الأصليان اللذان توزن بهما الأعمال والأقوال، وما أحسنَ قول شيخ الإسلام ابن تيمية: «لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة، فَمَتَى قدر الإنسان على اتّباع النصوص لم يعدل عنها، وإلاّ اجتهد رأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقلَّ أن تعوزَ النصوصُ مَنْ يكونُ خبيراً بها وبدلالتها على الأحكام»([9])، وقال سفيانُ الثوريُّ:«إنْ استطعت أنْ لا تحك رأسكَ إلا بأثرٍ فافعل»([10])، وقد كان للسلف من الصحابة والتابعين عناية كبيرة بهذين الأصلين حتى إنهم ليتحرون ألفاظ النصوص في فتاويهم قال ابن القيم: «ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص مهما أمكنه، فإنه يتضمن الحكم والدليل؛ فهو حكم مضمون له الصواب، متضمن للدليل في أحسن بيان، وقول الفقيه المعين ليس كذلك، وقد كان الصحابة والتابعون والأئمة الذين سلكوا على منهاجهم يتحرون ذلك غاية التحري، حتى خلفت من بعدهم خلوف رغبوا عن النصوص، واشتقوا لهم ألفاظاً غير ألفاظ النصوص، فأوجب ذلك هجر النصوص...»([11]).

4 – الخاتمة.

وأُحب التنبيه على أمور:

الأوَّلُ: أنّ من مقاصد هذا الكتاب:

1 – معرفة كيف طَبّقَ السلف نصوص الكتاب والسنة على أنفسهم فنجحوا ووفقوا.

2 – ومعرفة أنَّ الفتن ليست مقصورةً على زمن دون زمن أو مكان دون مكان بل هي مستمرة لحكم عظيمة لا يعلمها إلاّ الله.

3 – ومعرفة أنَّ الإنسان مهما بلغ من العلم يظل علمه قليلاً، وإدراكه محدوداً، ومعرفةُ هذا تُقوي جانب التوكل والافتقار إلى الله، فإذا علم العبد ذاك لجأ إلى مولاه أن يجنبه الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال ابنُ كثير:«العبدُ مفتقرٌ في كلّ ساعةٍ وحالةٍ إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ورسوخه فيها وتبصره وازدياده منها واستمراره عليه، فإن العبدَ لا يملكُ لنفسِه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونةِ والثباتِ والتوفيق، فالسعيدُ من وفقه الله تعالى لسؤاله فإنه تعالى قد تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه، ولاسيما المضطر المحتاج المفتقر إليه آناء الليل وأطراف النهار»([12]).

4 – ومعرفة الخلف لقدر السلف، فهذا المنهج الذي سلكه مُطَرِّف ابنُ عَبْدِالله بنِ الشِّخِّيرِ سلكه غيرُهُ ممن عرفنا وممن لم نعرف، وهم بذلك يستضيئون بنور الكتاب والسنة.

5 – وفي ضمنه بيان كيف نتعامل مع هذه الفتن التي تموج موجاً في هذا العصر، والتي ربما يبتلى الشخص في الخوض فيها، وتتلبسه إلى أخماص قدميه وهو يظن أنه ناج منها، وهو في الحقيقة من الساعين فيها!!، عياذاً بالله.

الثاني: أنَّ شرطي في هذا الكتاب ألاّ أورد من الأخبار والقصص إلاّ ما كان إسناده مقبولاً([13]).

الثالث: أنّ أصل معنى الفتنة في اللغة يدل على الابتلاء والاختبار كما قال ابن فارس([14])، وللفتنة ألوانٌ شتى بينها ابنُ القيّم ~ بقوله:«وأما الفتنة التي يضيفها اللهُ سبحانه إلى نفسه أو يُضيفها رسولهُ إليه كقوله: â y7Ï9¨xŸ2ur $¨YtGsù Nåk|Õ÷èt/ <Ù÷èt7Î/ á [الأنعام:53]، وقول موسى: â ÷bÎ) }Ïd žwÎ) y7çGt^÷GÏù @ÅÒè? $pkÍ5 `tB âä!$t±n@ Ï÷ksEur `tB âä!$t±n@ ( á [الأعراف:155]، فتلك بمعنى آخر وهي بمعنى الامتحان والاختبار، والابتلاء من الله لعباده بالخير والشر بالنعم والمصائب فهذه لون وفتنة المشركين لون، وفتنة المؤمن في ماله وولده وجاره لون آخر، والفتنة التي يوقعها بين أهل الإسلام كالفتنة التي أوقعها بين أصحاب علي ومعاوية وبين أهل الجمل، وبين المسلمين حتى يتقاتلوا و يتهاجروا لون آخر، وهي الفتنة التي قال فيها النبي @: سَتَكُونُ فِتَنةٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وأحاديث الفتنة التي أمر رسولُ الله @ فيها باعتزال الطائفتين»([15]).

وقال ابنُ حجر:«ويعرفُ المراد حيثما وَرَدَ بالسياق والقرائن»([16]).

 





 

نُبذةٌ تعريفيةٌ

بمُطَرِّف بنِ عبدِ الله بن الشخير

ومكانته في العلمِ والعملِ

 

 

* اسمه ونسبهُ وكُنيته:

مُطَرِّف بنُ عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ – بكسر الشين المعجمة، وتشديد المعجمة المكسورة، بعدها تحتانية ساكنة ثم رَاء – أبو عَبْدِ الله العَامريّ الحَرَشَيّ – بمهملتين مفتوحتين ثم معجمة – البصريُّ.

– وأبوهُ: صحابيُّ جليلٌ رَوَى عدداً من الأحاديث عن النبي @ منها([17]):مَا رَوَاهُ مُطَرِّف بنُ عَبْدِالله بنِ الشِّخِّيرِ عن أبيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله @ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ([18]).

– وله أخَوَانِ:

1 – يزيد بن عبد الله أبو العلاء البصري (ت111) قال الذهبيُّ:«أحد الأئمة..كان ثقةً، فاضلاً، كبير القدر، بَلَغَنا أنه كان يقرأ في المصحف فربما غُشِي عليه..عن ثابت البناني قال: كان الحسنُ – هو البصريّ – في مجلس فقيل لأبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير: تكلمْ، فقال: أوهناك أنا! ثم ذكر الكلام ومؤنته».فعلق الذهبيُّ على قول يزيد بقوله:«ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد فإن أعجبه كلامه فليصمت، فإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء»([19]).

2 – هانئ بن عبد الله، وليس له كبير ذكر([20]).

* مولده ووفاته:

وُلِدَ مُطَرِّف في حياة النبي @ عام بدر أو عام أحد، قال مُغْلطايّ:«مولده بعد هجرة النبي @ بثلاث سنين، وأنه أدرك من حياة النبي @ سبعاً أو أكثر، ولهذا – والله أعلم – ذكرهُ ابنُ فتحون في كتاب الصحابة، وإنَّ ابن حبان لمّا ذكره في كتاب الثقات قال: وُلد في حياة رسول الله @»([21])، وذكره ابن حجر في كتاب «الإصابة» في الطبقة الثانية([22]) وهم الذين وُلدوا على عهد النبي @، ومات رسول الله @ وهم دون سن التمييز.

ومات سنة خمس وتسعين من الهجرة – على الصحيح – بالبصرة([23]).

* أبرز شيوخه و تلاميذه:

– أبرز شيوخه:

غالب شيوخه من كبار الصحابة كعثمان بن عفان، وعلي بن
أبى طالب،وعمران بن حصين، وأبيه – } جميعاً – وغيرهم من الصحابة.

وقد لازم مُطَرِّف عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ ملازمةً شديدةً، وتأثر به منهجاً وسلوكاً ومن ذلك كيفية التعامل مع الفتن قال الذهبيّ – في ترجمة عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ –:«قلت: وكان ممن اعتزل الفتنة وذمها، قال أيوبُ، عن حميد بنِ هلال، عن أبي قتادة قال: قال لي عمران بن حصين: إلزم مسجدك، قلت: فإن دخل علي؟ قال: إلزم بيتك، قلت: فإن دخل بيتي؟ فقال: لو دخل علي رجل يريد نفسي ومالي، لرأيتُ أن قد حل لي قتاله»([24]).

وعمران بن حصين وَلي قضاءَ البصرة، وكان عمر بن الخطاب بعثه إليهم ليفقّههم، وقال ابن سيرين قال: ما قدم البصرة أحد يفضل على عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ،وكان الحسن البصري يحلف ما قدم عليهم البصرة بخير لهم من عِمْرَانَ ابن حُصَيْنٍ، مات سنة اثنتين وخمسين بالبصرة.

ومن الأحاديث التي تبين مدى ملازمة مُطَرِّف لعمران بن حصين:

حديثُ مُطَرِّف بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ > أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَقَالَ: قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ @([25]).

وعَنْ مُطَرِّف قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ مُحَدِّثَكَ بِأَحَادِيثَ لَعَلَّ الله أَنْ يَنْفَعَكَ بِهَا بَعْدِي، فَإِنْ عِشْتُ فَاكْتُمْ عَنِّي، وَإِنْ مُتُّ فَحَدِّثْ بِهَا إِنْ شِئْتَ إِنَّهُ قَدْ سُلِّمَ عَلَيَّ([26]) وَاعْلَمْ أَنَّ نَبِيَّ الله @ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ فِيهَا كِتَابُ الله وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا نَبِيُّ الله @ قَالَ رَجُلٌ فِيهَا بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ([27]).

عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: كَانَ لِمُطَرِّف بْنِ عَبْدِ الله امْرَأَتَانِ فَجَاءَ مِنْ عِنْدِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ الأُخْرَى: جِئْتَ مِنْ عِنْدِ فُلانَةَ؟ فَقَالَ:جِئْتُ مِنْ عِنْدِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ الله @ قَالَ:«إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ»([28]).

وقال مُطَرِّف بنُ عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ:صحبتُ عمران بن حصين إلى البصرة فما أتى علينا يوم إلا أنشدنا فيه الشعر وقال: إن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب([29]).

وغيرها من النصوص الدالة على شدة ملازمة مُطَرِّف للصحابيّ الجليل عمران بن حصين.

* أبرز تلاميذه:

حدث عنه: الحسن البصري، وأخوه:يزيد بن عبد الله، وأبو التياح يزيد ابن حميد، وثابت البناني، وقتادة السدوسيّ، ومحمد بن واسع وخلق سواهم.

* أحاديثه فـي الكتب التسعة:

له في الكتب التسعة قرابة مائة وثمانين حديثاً، وقد أكثر عن الصحابيّ الجليل عمران بن حصين، وتقدم أنّ مُطَرِّف من أصحاب عمران الملازمين له.

ومما يدلُ على دقة نظر الإمام البخاريّ في الأسانيد في صحيحه أنّ جميع مرويات مُطَرِّف بن عَبْدِ الله في الجامع الصحيح – بعد التتبع – عن شيخه الملازم له: عمران بن حصين.

وهذا منهج دقيقٌ سلكه الإمام البخاريّ فهو ينتقي من مرويات الرواة ما رووها عن شيوخهم الملازمين لهم([30]).

* ثناءُ العلماءِ عليه وجلالته وعلو قدره:

1 – قال ابنُ سعد:«وكان ثقةً، له فضلٌ، وورع، ورواية، وعقلٌ، وأدبٌ»([31]).

2 – وتقدم قول العجليّ في الثناء عليه في مقدمة الكتاب.

3 – وقال ابنُ حبان:«مِنْ أهل العبادة والزهد والتقشف، ممن لزم الورع الخفى»([32]).

4 – وقال البيهقيُّ:«كان من كبار التابعين»([33]).

5 – وقال ابنُ عبد البر:«وكان مُطَرِّف من جلة تابعي البصرة العلماء الفضلاء الحلماء»([34]).

6 – قال ابن خلكان:«كان فقيها..وكان مُطَرِّف من أعبد الناس وأنسكهم»([35]).

7 – وقال الذهبيُّ:«الإمامُ..كانَ رأساً في العلم والعمل، وله جلالةٌ في الإسلام، ووقع في النفوس،.. سيّداً كبيرَ القدرِ، وكان يلبسُ فاخر الثياب، ويركبُ الخيل، ويدخل على السلطان»([36])، وقال أيضاً:«الإمام القدوة الحجة.. قلتُ: كان مُطَرِّف له مال وثروة، وبزة جميلة، ووقع في النفوس»([37])، وقال:«أحد الأعلام»([38])، وقال:«الفقيه العابد المجاب الدعوة»([39]).

8 – وقال ابن كثير:«كَانَ مِنْ كِبار التابعين، وكان من أصحاب عمران
ابن حصين، وكان مجاب الدّعوة.. وكان له منزلةٌ عند الخلفاء
والملوك والأمراء، وكان هو من أَرْشدِ النّاس فيهم، وكان مجاب الدعوة»([40]).

– ومما يدل على مكانته العلمية – مع ما تقدم من الثناء عليه، وبيان أنّ كبار التابعين أخذوا عنه – أنَّ أقواله منثورة في كتب التفسير([41])، والعقيدة، والفقه، وقد علق ابنُ كثير على قول مُطَرِّف بن عبد الله:«ما تريدون من القدر أما تكفيكم الآية التي في سورة النساء â bÎ)ur öNßgö6ÅÁè? ×puZ|¡xm (#qä9qà)tƒ ¾ÏnÉ»yd ô`ÏB ÏZÏã «!$# ( bÎ)ur öNßgö6ÅÁè? ×py¥ÍhŠy (#qä9qà)tƒ ¾ÏnÉ»yd ô`ÏB x8ÏZÏã 4 á [النساء:78]، أي من نفسك، والله ما وكلوا إلى القدر، وقد أمروا وإليه يصيرون»([42]) فقال:«وهذا كلامٌ متينٌ قويّ في الرد على القدرية والجبرية أيضاً، ولبسطه موضع آخر»([43]).

وقال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية:«وَثَبَتَ عَنْ الحسن البصري أنه قال: لقد تكلم مُطَرِّف على هذه الأعواد بكلام ما قيل قبله ولا يقال بعده!، قالوا: وما هو يا أبا سعيد؟ قال: الحمدُ لله الذي مِنْ الإيمانِ بهِ الجهلُ بغيرِ ما وَصَفَ به نفسه»([44]).

– ومما يبين مكانته وجلالته أنَّ الأمراء يسألونه ويأخذون برأيه:قَالَ قَتادةُ:أُتى الحجّاجُ بنُ يوسف برجلٍ زَنى بأختهِ فَسأل عنها مُطَرِّف بن عبد الله الشخير فقال: يُضربُ بالسيفِ، فأمر به الحجاج فضرب([45]).

– ولرجاحة عقله، وقوة علمه كان المُتَمني بالبصرة يتمنى أن يكون له عقل وتصرف مُطَرِّف قال العلاء بن زياد([46])– على فضله وعبادته –:«لو كنتُ متمنياً لتمنيتُ فقهَ الحسنِ، وَوَرَعَ ابنِ سيرين، وَصَوَابَ مُطَرِّف»([47]).

* من فضائله وكرامته:

– دعاءٌٌ مُسْتجابٌ:

قال حُمَيدُ بنُ هلال: كان بين مُطَرِّف وبين رجل من قومه شيءٌ، فكذب على مُطَرِّف، فقال له: إن كنتَ كاذباً فعجَّل الله حتفك، فمات الرجل مكانه، واستعدى أهله زياداً على مُطَرِّف، فقال: هل ضربه؟ هلْ مَسَّهُ؟ قالوا: لا. قال: دعوةُ رَجلٍ صالح وافقت قَدَراً([48]).

وقال سليمانُ بنُ حرب: كان مُطَرِّف مجابَ الدَّعوةِ، قال لرجلٍ: إنْ كنتَ كذبتَ فأرنا به، فَمَات مكانه.

– كرامةٌ وَقَعتْ له – وإسنادها صحيح –:

قال مَعْمر بن راشد في «جامعه»([49]) عن قتادة قال: كان مُطَرِّف بن عبد الله ابن الشخير وَصَاحبٌ لَهُ سَرَيا في ليلةٍ مُظْلمةٍ فَإذا طَرَفُ سَوْطِ أحدِهما عنده ضَوء، فَقَالَ لصاحبهِ: أمَا إنَّه لَو حدَّثنا النَّاسَ بهذا كَذَّبونا، فَقَالَ مُطَرِّف: المُكذِّبُ أكذَبُ – يقولُ: المُكذِّبُ بنعمةِ الله أكذَبُ –.

وقال ابنُ أبي شيبةَ في «مصنفه»([50]): حدثنا عفان قال: حدثنا حمادُ عن ثابت عن مُطَرِّف أنه أقبلَ من مبدأه فَجَعَلَ يسير بالليلِ فأضاء له سوطُهُ([51]).

وأخرجها أحمد في كتابه «الزهد» (ص:241)، وأبو القاسم اللالكائيُّ في كتابه«كرامات الأولياء»([52])، وساقها البيهقيُّ في كتابه «الاعتقاد» ثم قال:«ومُطَرِّف ابن عبد الله كان من كبار التابعين، وإنما أوردته عقيب حديث الصحابة لكونه شبيها بما أكرموا به»([53]).

وقال الذهبيُّ:«إسنادها صحيح»([54]).

قلتُ: ويظهر أنَّ هذا الأمر قد تكرر مع مُطَرِّف كما تدل على ذلك سياقات القصة.

 



 

 

 

 

 

 

ذكر بعض أقوال

مُطَرِّف بن عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ

الدالة على رجاحة عقله، وحكيم كلامه

 

 

حظيت أقوال مُطَرِّف بالعناية والتتبع من لدن العلماء فقد عقد الإمامُ أحمدُ ابن حنبل في كتابه «الزهد» فصلاً في ذكر أقوال وأخبار مُطَرِّف، وكذلك فَعَلَ
ابنُ أبي شيبةَ في آخر «مصنفه»، مما يدل على شدة عناية الأئمة بأقوال وأخبار هذا الإمام التقيّ العاقل.

وَمِنْ تلك الأقوال التي طارت بها كتب الزهد والرقاق، والأخبار والسير([55]):

– قَولهُ:«فضلُ العلمِ أحبّ إلي من فضلِ العبادة، وخيرُ دينكم الورع»([56]).

– وقَولهُ:«مَا أُوتي أحدٌ أفضل مِنْ العقل، وعقولُ الناسِ على قدر زمانهم».

– وقَولهُ:«لأن أبيتُ نائماً وأصبح نادماً أحب إليّ من أن أبيت قائما وأصبح معجباً»([57]).

– وقَولهُ:«إنَّ هذا الموتَ قد أفسدَ عَلَى أهلِ النَّعيمِ نعيمَهم، فاطلُبوا نعيماً لا موتَ فيه»([58]).

– وقَولهُ:«لا تُطْعِمْ طَعَامَكَ مَنْ لا يَشْتَهِيهِ»([59]).

– وقَولهُ:«يَا بُنَيَّ إِنَّ الْعِلْمَ خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ».

– وقَولهُ:«لأنْ أُعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر، نَظرتُ في العافيةِ فوجدتُ فيها خير الدنيا والآخر».

قال عَمْرو بنُ السّكن:كُنتُ عِندَ سُفيانَ بنِ عيينةَ فَقَامَ إليه رَجلٌ مِنْ أهلِ بغدادَ، فَقَالَ: يَا أبا محمد أخبرني عَنْ قولِ مُطَرِّف: لأنْ أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر، أهو أحبّ إليكَ أم قولُ أخيه أبي العلاء: اللهم رضيتُ لنفسي ما رضيتَ لي؟ قال: فَسَكت سكتةً ثُمّ قَالَ: قولُ مُطَرِّف أحبّ إليّ! فَقَالَ الرجلُ: كيفَ وَقد رَضي هذا لنفسِهِ ما رضيه الله له؟ قال سفيانُ: إني قرأتُ القرآنَ فوجدتُ صفةَ سليمان مع العافية التي كان فيها â zN÷èÏR ßö7yèø9$# ( ÿ¼çm¯RÎ) ë>#¨rr&  á [ص:30]، ووجدت صفة أيوب مع البلاء الذي كان فيه â zN÷èÏoR ßö7yèø9$# ( ÿ¼çm¯RÎ) Ò>#¨rr& á  [ص:44]، فاستوتْ الصفتان، وهذا معافى وهذا مبتلى، فوجدتُ الشكرَ قد قام مقامَ الصبر، فلمّا اعتدلا كانتْ العافيةُ مَعَ الشكرِ أحبّ إلي من البلاء مع الصبر([60]).

– وقَولهُ:«إني لأستلقي مِنْ الليلِ عَلَى فِراشي فأتدبرُ القرآنَ، وأعرضُ عَملي عَلَى عَملِ أهلِ الجنّة فإذا أعمالهم شديدة â (#qçR%x. WxÏ=s% z`ÏiB È@ø©9$# $tB tbqãèyf÷ku ÇÊÐÈ á [الذاريات:17]، â zšcqçGÎ6tƒ óOÎgÎn/uÏ9 #Y¤fß $VJ»uŠÏ%ur á [الفرقان: 64]، â ô`¨Br& uqèd ìMÏZ»s% uä!$tR#uä È@ø©9$# #YÉ`$y $VJͬ!$s%ur á [الزمر:9]، فلا أراني فيهم، فأعرض نفسي على هذه الآية â $tB óOä3x6n=y Îû us)y ÇÍËÈ á [المدثر: 42]، فأرى القوم مكذبين وأمر بهذه الآية â tbrãyz#uäur (#qèùuŽyIôã$# öNÎkÍ5qçRäÎ/ (#qäÜn=yz WxyJtã $[sÏ=»|¹ uyz#uäur $·¤ÍhŠy á [التوبة:102] فأرجو أن أكون أنا وأنتم يا أخوتاه منهم»([61]).

– وقَولهُ – وقد رأى المهلب([62]) وهو يتبختر في جبة خز –:يا عبد الله هذه مشية يبغضها الله ورسوله @. فقال له المهلب: أما تعرفني؟ قال: بلى، أوّلُكَ نطفة مَذِرَةٌ([63])، وآخرُكَ جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة. فمضى المهلب وترك مشيته تلك([64]).

– قولُهُ:«إنَّك لتلقى الرجلينِ أحدهما أكثر صوماً وصلاةً، والآخر أكرمهما على الله بوناً بعيداً، قالوا: وكيفَ يكونُ ذلكَ؟ قال: يكون أورعهما عن محارم الله»([65]).

– وقوله:«كأنَّ القلوبَ ليست منا، وكأنَّ الحديثَ يُعْنَي بهِ غَيرُنا»([66]).

– وعن أيوب قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لمطرف: أفضل مِنْ القرآن تريدون؟ قال: لا ولكنْ نريدُ مَنْ هُوَ أعلم بالقرآن منّا([67]).

– وكان مُطَرِّف يقول لإخوانه ولأودائه:«إنّه إذا كانتْ لكم حَاجة فاكتبوها في رقعة لأقضيها لكم، فإني أكرهُ أنْ أرَى ذُلَّ السؤالِ في وجوهكِم لقولِ الشاعر:

لا تَحْسَبَنَّ المَوْتَ مَوْتَ البِلَى

*

وإنَّما المَوْتُ سؤالُ الرِّجالْ

كِلاَهُما مَوْتُ ولكِنَّ ذَا

*

أشَدُّ مِنْ ذاكَ عَلى كُلِّ حَالْ»([68])

ويبدو أنَّ مُطَرِّف بن عبد الله كان معروفاً بعقله وبصيرته منذُ صغره كما تدلُ على ذلك القصة التي ذكرها قتادةُ قال: حدّثنا مُطَرِّف قال: كنا نأتي زيد بن صُوَحان([69]) فكان يقول: يا عباد الله أكرموا وأجملوا؛ فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين: الخوف والطمع، فأتيته ذاتَ يوم وقد كتبوا كتابا فنسقوا كلاماً من هذا النحو: إنَّ الله ربنا، ومحمد @ نبينا، والقرآن إمامنا، ومن كان معنا كنا وكنا، ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا، قال: فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا فيقولون: أقررت يا فلان؟ حتى انتهوا إليّ فقالوا: أقررت يا غلام؟ قلتُ: لا، قال – يعني زيدا –: لا تعجلوا على الغلام، ما تقول: يا غلام؟ قلتُ: إنَّ الله قد أخذ علي عهداً في كتابه فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه علي فرجع القوم من عند آخرهم ما أقر منهم أحدٌ، وكانوا زهاء ثلاثين نفساً([70]).

أقولُ – بعدَ هذه الرحلة الطيبة في كلام هذا الإمام الحكيم العاقل –: إنَّ مُطَرِّف بن عبدالله يصدقُ عليه قول الحسن البصريّ في مسلم بن يسار:«يكون الرجلُ عالماً ولا يكون عابداً، ويكون عابداً ولا يكون عاقلاً، وكان مسلم بن يسار عابداً عالماً عاقلاً»([71]) فمُطَرِّف ممن جمع هذه الأوصاف العالية الرفيعة كما تقدم.

ولولا أنَّ مرادي من هذا البحث تلمس منهج مُطَرِّف في الفتن وسمات هذا المنهج، والعوامل التي كوّنت هذا المنهج لسقتُ جميع ما نقل عنه في هذا الباب لنفاسته.

ولعل ما تقدم كافٍ في إعطاء تصور عن رجاحة عقل هذا الإمام، وحكيم كلامه لذا كان العلماء بل كبار العلماء من السلف يعتنون بكلامه ويجمعونه كما تقدم.

ومن أراد المزيدَ من حكيم كلامه، وروعة بيانه، فليراجع كتاب «الطبقات الكبرى» لابن سعد، و«المصنف» لابن أبي شيبة، و«الزهد» لأحمد بن حنبل، و«حلية الأولياء» لأبي نُعيم، «تاريخ مدينة دمشق» لابن عساكر([72])، و«سير أعلام النبلاء» للذهبيّ، و«البداية والنهاية» لابن كثير([73]).

لفتةٌ:

إنّ في أقوال سلفنا الصالح وأفعالهم كنوزاً ثمينة وثرية لو أعطى المعجبون بالنقل عن الغربيين أنفسهم فرصة لقراءتها وتأمل معانيها لاستنبطوا منها أصولاً وقواعد وفنوناً في علم الاجتماع، وعلم النفس، وعلم التربية وغيرها من التخصصات الحديثة الدقيقة، ولاستغنوا بها عن النقل عن أولئك، وعن الإعجاب بهم وبكلامهم.

ولكن قديماً قيل:«فاقدُ الشيء لا يعطيه»!.

 



منهج

مُطَرِّف بن عبد الله

في الفتن من خلال سيرته وأقواله

 

 

قبل بيان منهج مُطَرِّف بن عبد الله في الفتن لا بدَّ من الحديث عن الفتنة العظيمة التي وقعت في زمانه، والتي ذُكر أنه وفق للنجاة منها، ثم بيان منهجه في التعامل معها، فأمَّا الفتنة التي وقعت في زمانه فهي:

– فتنة ابن الأشعث:

تقدم قول العجليّ:«لم ينج من فتنة ابن الأشعث بالبصرة إلا رجلان: مُطَرِّف بن عبد الله، ومحمد بن سيرين، ولم ينج منها بالكوفة إلا رجلان: خيثمة ابن عبد الرحمن الجعفي، وإبراهيم النخعي».

فما هي فتنة ابن الأشعث التي نجا منها هؤلاء ومنهم مُطَرِّف بنُ عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ؟

هذه الفتنة العظيمة التي قُتِلَ فيها عشرات العلماء والعُبّاد والصالحين ونال بعض الصحابة بعض الأذى بسببها – وهم لم يشاركوا فيها ألبتة([74])– بدأت عندما خَرَجَ عبدُالرحمن بنُ محمد الأشعث([75]) على الحجاج بن يوسف([76]) لأسباب منها: ظلمُ الحجّاج، وسَفكهُ الدماء بغير حق، وتأخير الصلوات([77]) وغير ذلك مما لا يخفى، ولهذا السبب خَرَجَ مع ابن الأشعث علماء، وفقهاء، وقراء، وصالحون عباد، خرجوا طوعاً لله – حسب اجتهادهم رحمهم الله تعالى وعفا عنهم –، قال مالك بن دينار: خرج مع ابن الأشعث خمسمائة من القراء كلهم يرون القتال([78]).

قال الذهبيُّ:«ابنُ الأشعث الأميرُ متولي سجستان: عبد الرحمن بن محمد ابن الأشعث بن قيس الكندي، بَعَثَهُ الحجّاجُ عَلَى سجستان، فثار هناك وأقبل في جمعٍ كبيرٍ، وَقَامَ مَعَهُ عُلماءُ وَصلحاءُ لله تعالى لما انتهكَ الحجّاجُ من إماته وقت الصلاة، ولجوره وجبروته»([79]).

وكان ذلك سنة إحدى وثمانين من الهجرة، وبدأت بينهم وبين الحجاج حروب ووقائع شرسة قُتل فيها خلق كثير – نسأل الله السلامة والعافية –، وانتهت هذه الحروب سنةَ ثلاث وثمانين بهزيمة ابن الأشعث، قال الذهبيّ – عن
ابن الأشعث –:«خَرَجَ معه الناسُ، وَعَمِلَ مَعَ الحجّاجِ تلكَ الحروب المشهورة التي لم يسمع بمثلها، بحيث يقال: إنّه عَمِلَ معه أحدا وثمانين مصافاً، معظمها على الحجّاج، ثم في الآخر خُذِلَ ابن الأشعث وانهزم ثم ظفروابه وَهَلَكَ»([80]).

قال ابنُ كثير – وهو يذكر حوادث سنة ثلاث وثمانين –:«وفيها فقد جماعة من القراء والعلماء الذين كانوا مع الأشعث: منهم من هرب، ومنهم من قُتل في المعركة، ومنهم من أُسر فضرب الحجاج عنقه، ومنهم من تتبعه الحجاج حتى قتله، وقد سمي منهم خليفةُ بنُ خياط([81]) طائفة من الأعيان فمنهم – وسمّاهم..ومنهم – ومن أهل الكوفة: سعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن شداد، والشعبي، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، والمعرور بن سويد، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، وأبو البختري، وطلحة بن مصرف، وزبيد بن الحارث الياميان، وعطاء بن السائب...»([82]).

وأرصدُ هنا أهم الملحوظات حول فتنة ابنِ الأشعث:

1 – أنّ الأئمة والعلماء نصوا على خطأ ابنِ الأشعث ومن معه في الخروج، وقد عَبّر عن هذا الإمام ابنُ كثير بقوله:«والعَجَبُ كُلُّ العجبِ مِنْ هؤلاءِ الذين بايعوه([83]) بالإمارةِ وليسَ مِنْ قُريش، وإنما هو كِنْديّ مِنْ اليمنِ، وقد اجتمع الصحابةُ يومَ السّقيفة عَلَى أنَّ الأمارةَ لا تكون إلاّ في قريش، واحتجَّ عليهم الصِّدّيقُ بالحديثِ في ذلكَ حتى إنَّ الأنصارَ سَألوا أنْ يكونَ منهم أميرٌ مَعَ أميرِ المُهَاجرين، فَأبى الصِّدّيقُ عليهم ذلكَ،..فَكيفَ يعمَدونَ إلى خليفةٍ قَدْ بويعَ لَهُ بالإمارةِ عَلَى المسلمين من سنين فيعزلونه، وَهُو مِنْ صَليبَةِ قريش، ويبايعون لرجل كِنْديّ بيعة لم يتفق عليها أهلُ الحلِّ والعقد؟!! ولهذا لما كانتْ هذه زَلّةً وَفَلْتَةً نَشَأ بسببِها شرٌّ كثيرٌ، هَلَكَ فيه خَلْقٌ كثيرٌ، فإنّا لله وإنا إليه راجعون»([84]).

2 – كان لبعض علماء السلف جهودٌ عظيمة في محاولة إطفاء هذه الفتنة ومن أشهر أولئك الحسن البصريّ([85])، قال قتادةُ: كان مُطَرِّف إذا كانتْ الفتنةُ نَهَى عنها وَهَرَب، وَكَانَ الحسنُ البصريّ ينهى عنها ولا يبرح فَقَالَ مُطَرِّف: ما أُشبِّهُ الحسن إلا برجل يُحَذِّرُ النّاسَ السيلَ ويقوم بِسَنَنهِ([86]) يشير مُطَرِّف إلى موقف الحسن البصريّ من فتنة ابن الأشعث حيث نهاهم عن الخروج على الحجاج، وجدالهم في ذلك، وأمَّا مُطَرِّف فيرى أنّه عند الفتن الأسلم البعد عن جميع الأطراف لأنَّ الكل معجبٌ برأيه، متمسكٌ بقولهِ، قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية:«والفتنةُ إذَا وقعتْ عَجَزَ العقلاءُ فيها عن دفع السفهاء..وهذا شأنُ الفتن كما قال تعالى: â (#qà)¨?$#ur ZpuZ÷FÏù žw ¨ûtùÅÁè? tûïÏ%©!$# (#qßJn=sß öNä3YÏB Zp¢¹!%s{ ( á  [الأنفال:25]، وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلاّ من عصمه الله»([87]).

ومن أخبار الحسن البصريّ و محاولاته إطفاء الفتنة:

– قول أيوب السختيانيّ: قال لي الحسنُ: ألا تعجب مِنْ سعيد بن جبير دَخَلَ عَلَيّ فسألني عن قتالِ الحجاج ومعه بعضُ الرؤساء – يعني أصحاب ابن الأشعث – ؟!([88]).

– وقول سليمان بن علي الرَّبعي: لما كانت الفتنة فتنة ابن الأشعث – إذ قاتل الحجاج بن يوسف – انطلقَ عقبةُ بنُ عبد الغافر([89]) وأبو الجوزاء([90]) وعبدُ الله بن غالب([91]) في نفرٍ مِنْ نظرائهم فدخلوا على الحسن فقالوا: ياأبا سعيد ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سَفَكَ الدّم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة وَفَعَلَ وَفَعَلَ؟ قال: وذكروا من أفعال الحجاج فقال الحسن: أرى أن لا تقاتلوه! فإنها إنْ تكن عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، فخرجوا من عنده وهم يقولون: نطيع هذا العلج!([92]) – قال: وهم قوم عرب – قال: وخرجوا مع ابن الأشعث قال: فقتلوا جميعاً، قال مُرّةُ بنُ ذُباب أبو المعذل: أتيتُ عَلَى عقبةَ بنِ عبد الغافر وهو صريعٌ في الخندقِ فقال: يا أبا المعذل لا دنيا ولا آخرة([93]).

– قال أبو التياح: شهدتُ الحسنَ وسعيدَ بن أبي الحسن([94]) حين أقبل
ابنُ الأشعث وكان الحسن نهى عن الخروج إلى الحجاج ويأمر بالكف وسعيد بن أبي الحسن يحضض ثم قال سعيد فيما يقول: فما ظنك بأهل الشام إذا لقيناهم غدا فقلنا والله ما خلعنا أمير المؤمنين ولا نريد خلعه ولكنا نقمنا عليه استعماله الحجاج فاعزله عنا فلما فرغ سعيد من كلامه، تكلم الحسن فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إنه والله ما سلط الله الحجاج عليكم إلا عقوبة، فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف، ولكن عليكم بالسكينة والتضرع فإن الله تعالى يقول:
â ôs)s9ur Nßg»tRõyzr& É>#xyèø9$$Î/ $yJsù (#qçR%s3tGó$# öNÎkÍh5uÏ9 $tBur tbqã㧎|ØtGtƒ ÇÐÏÈ á  [المؤمنون:76]، وأما ما ذكرت من ظني بأهل الشام فان ظني بهم أن لو جاءوا فألقمهم الحجاج دنياه ولم يحلهم على أمر إلا ركبوه هذا ظني بهم ([95]).

– وقال سلمُ بن أبي الذيال:سألَ رَجُلٌ الحسنَ وهو يسمعُ وأناس من أهل الشام فقال: يا أبا سعيد ما تقول في الفتن مثل يزيد بن المهلب
وابن الأشعث؟ فقال: لا تكن مع هؤلاء، ولا مع هؤلاء، فقال رَجُلٌ من أهل الشام: ولا مع أمير المؤمنين يا أبا سعيد؟ فغضب ثم قال بيده فخطر بها ثم قال: ولا مع أمير المؤمنين يا أبا سعيد نعم ولا مع أمير المؤمنين([96]).

– وقال الحسنُ:«لو أنَّ الناسَ إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صَبَروا ما لبثوا أن يفرج عنهم، ولكنهم يجزعون إلى السيف فيوكلون إليه، فوالله ما جاؤوا بيوم خير قط» ([97]).

3 – أنّ من نجا وسلم ممن شارك في هذه الفتنة ندم وتأسف وودّ أن لم يكن شارك فيها، قال حمادُ بنُ زيد: ذَكَرَ أيوبُ السختياني([98]) القُرّاء الذين خرجوا مع بن الأشعث فقال: لا أعلم أحدا منهم قُتِلَ إلا قد رُغِبَ عَنْ مَصْرَعِهِ، ولا نجا أحدٌ منهم إلا حَمِدَ اللهَ الذي سلّمه، وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنه([99]).

وقال محمد بن طلحة: رآني زُبيد([100]) مع العلاء بن عبد الكريم ونحن نضحك فقال: لو شهدتَ الجماجم ما ضحكتَ، ولوددتُ أنَّ يدي – أو قال: يميني – قطعت من العضد وأني لم أكن شهدتُ، وقد كان هذا درساً لزبيد استفاد منه في حياته؛ قال عُقبةُ([101]) بنُ إسحاقَ: كَانَ منصورُ بنُ المعتمر يختلفُ إلى زُبيد فذكر أنَّ أهلَ البيت يُقَتّلُون – يريده على الخروج مع زيد بن علي – فقال زُبيد: ما أنا بخارجٍ إلاَّ مَعَ نبي، وما أنا بواجده([102]).

قال مالكُ بنُ دينار: لقيتُ معبد الجهني بمكة بعد ابن الأشعث وهو جريح، وقد قاتل الحجاج في المواطن كلها، فقال: لقيتُ الفقهاءَ والناسَ، لم أر مثل الحسن، يا ليتنا أطعناه، كأنه نادم على قتال الحجاج([103]).

بل كان بعضهم إذا ذكر مشاركته – لو كانت المشاركة بالكلام دون القتال – بكى بكاءً شديداً ندماً على ما وقع منه قال أيوب عن أبي قلابة قال: لما أنجلت فتنة ابن الأشعت كنا في مجلس ومعنا مسلم بن يسار، فقال مسلم: الحمد لله الذي أنجاني من هذه الفتنة، فوالله ما رميتُ فيها بسهم، ولا طعنتُ فيها برمح، ولا ضربت فيها بسيف، قال أبو قلابة: فقلتُ له: فما ظنك يا مسلم بجاهل نظر إليك فقال: والله ما قام مسلم بن يسار سيّد القراء هذا المقام إلا وهو يراه عليه حقاً فقاتل حتى قُتِلَ قال: فبكى والذي نفسي بيده حتى تمنيت أني لم أكن قلتُ شيئا([104]).

وبعضهم نَقَصَ قدرُهُ بسببِ دخوله هذه الفتنة قال عبد الله بن عون:
كان مسلم بن يسار لا يفضل عليه أحدٌ في ذلك الزمان حتى فعل تلك الفعلة، فلقيه أبو قلابة فقال: والله لا أعود أبدا، فقال أبو قلابة: إنْ شاء الله، فتلا
أبو قلابة
â ÷bÎ) }Ïd žwÎ) y7çGt^÷GÏù @ÅÒè? $pkÍ5 `tB âä!$t±n@ á [الأعراف:155]، فأرسلَ مسلمٌ عينيه([105]).

وقال ابنُ عون: كاَنَ مُسلمُ بنُ يسار عِنْدَ النّاسِ أرفع من الحسن، فلما وقعت الفتنة خفَّ مسلمٌ فيها، وأبطأ عنها الحسن، فأما مسلمٌ فإنه – أي اتضع –، وأما الحسنُ فإنه ارتفع([106]).

وقال الشعبيُّ – لما أُدخل عَلَى الحجّاج، وكان قد شارك في الفتنة–:«قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ، وَتَحَلَّسْنَا الخَوْفَ،وَخَبَطتنا فتنةٌ لَمْ نَكُنْ فيها بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ» ([107]).

ولمَّا أُتي بفيروز بن الحصين إلى الحجاج قال له: أبا عثمان!! ما أخرجك مع هؤلاء؟فقال: أيها الأمير فتنة عمت، فأمر به الحجاج فضربت عنقه([108]).

4 – أنّ من يقرأ في كتب التواريخ وحوادث السنين من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة خمس وتسعين – وهي السنة التي هلك فيها الحجّاج – يتحسر كثيراً إذ لا تخلو من هذه السنوات من قتيلٍ وأسيرٍ للحجّاج بسبب هذه الفتنة – ومن هؤلاء علماء كبار وزهاد وصالحون لهم سير عطرة لا تمل قراءتها –، ولقد صدق ظنّ مُطَرِّف – لمَّا قالوا له: هذا عبدُ الرحمن بن الأشعث قد أقبل – فَقَالَ:«واللهِ لقد رابني أمرانِ: لئن ظَهَرَ لا يقوم لله دينٌ، ولئن ظُهِرَ عليه لا يزالون أذلة إلى يوم القيامة»([109]).

قال ابنُ كثير:«ثمّ دخلت سنة ثلاث وثمانين...وفيها فقد جماعة من القراء والعلماء الذين كانوا مع الأشعث: منهم من هرب، ومنهم من قُتل في المعركة، ومنهم من أُسر فضرب الحجاج عنقه، ومنهم من تتبعه الحجاج حتى قتله.. ومن أعيانِ مَنْ قَتَلَ الحجاجُ:

– عِمرانُ بن عصام الضُّبعيّ – والد أبي جَمْرة، – كان من علماء أهل البصرة، وكان صالحاً عابداً([110])، أُتى بهِ أسيراً إلى الحجّاج فَقَالَ لهُ: اشْهَدْ على نفسِك بالكفرِ حتى أُطلِقَكَ، فَقَالَ: واللهِ إنّي ما كفرتُ بالله منذُ آمنتُ به، فأمر به فضُرِبتْ عنُقُهُ.

– عبدُ الرحمن بنُ أبي ليلى، رَوَى عن جماعةٍ من الصحابة، ولأبيه
أبي ليلى صحبة، أخذ عبدالرحمن القرآن عن علي بن أبي طالب، خَرَجَ مع ابنِ الأشعث فأُتى بهِ الحجاجُ أسيراً فَضُرِبَ عنُقُهُ بين يَدَيه صَبْراً»([111]).

قال ابنُ كثير:«ثمّ دخلت سنة أربعٍ وثمانينَ...وفيها قتل الحجاجُ أيضاً جماعة من أصحاب ابن الأشعث منهم: أيوبُ بنُ القِرِّيَّة، وكان فصيحا بليغا واعظا قتله صبرا بين يديه.....وغيرُ هؤلاءِ جماعةٌ؛ منهم من قَتَله الحجاج».

وقال أيضاً:«ثم دخلت سنة أربع وتسعين...قال ابنُ جرير: وفي هذه السنة قَتَلَ الحجّاجُ بنُ يوسف سعيدَ بنَ جبير.....وتولى على المدينة عثمان بن حيان بدل عمر بن عبد العزيز فَجَعَلَ يبعثُ مَنْ بالمدينةِ مِنْ أصحابِ ابنِ الأشعث مِنْ أهل العراق إلى الحجاج في القيود، فتعلم منه خالد بن الوليد القَسْريّ، فعيَّن من عنده من مكة: سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر، وعمرو بن دينار، وطلق بن حبيب.

ويقال: إنَّ الحجّاجَ كتب إلى الوليد يخبره أن بمكة أقواما من أهل الشقاق، فبعث خالد بهؤلاء إليه ثم عفا عن عطاء وعمرو بن دينار لأنهما من أهل مكة، وبعث بأولئك الثلاثة فأما طلق فماتَ في الطريق قبل أن يصل، وأمَّا مجاهد فحُبِسَ فما زال في السجن حتى مات الحجاج...وذُكِرَ عن الإمام أحمد أنه قال: قُتل سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج – أوقال: مفتقر – إلى علمه، ويقال: إن الحجاج لم يسلط بعده على أحد.

قال ابن كثير:«وقد ذكرنا صفة مقتله إياه وقد رويت آثار غريبة في صفة مقتله أكثرها لا يصح، وقد عوقب الحجّاج بعده، وعوجل بالعقوبة فلم يلبث بعد إلا قليلاً، ثم أخذه الله أخذ عزيز مقتدر».

5 – أنّ هذه الفتنة تعلمنا أنّ أي قولٍ أو عملٍ مهما كان عامله أو قائله لابدَّ أن يُعرض على الكتاب والسنة فإنْ وافق الكتاب والسنة فذاك، وإن خَالفَ فلا يقبل، وإن لم نجد ما يدل عليه موافقة أو مخالفة استفرغ العالم المجتهدُ وسعه وهو في ذلك بين أجرٍ وأجرين.

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية:«واللهُ تعالى لا يأمرُ بأمرٍ لا يحصل به صلاحُ الدين ولا صلاح الدنيا، وإنْ كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين ومن أهل الجنة فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتالِ وَهم أعظمُ قدراً عند الله، وأحسن نية من غيرهم...وكذلك أصحابُ ابنِ الأشعث كان فيهم خلقٌ مِنْ أهلِ العلمِ والدين، والله يغفر لهم كلهم»([112]).

وقال ~:«ومما يتعلقُ بهذا البابِ أنْ يُعلمَ أنَّ الرجلَ العظيمَ في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة – أهل البيت وغيرهم – قد يحصل منه نوعٌ مِنْ الاجتهاد مقروناً بالظن، ونوعٌ مِنْ الهوى الخفيّ فَيحصلُ بسبب ذلك ما لا ينبغي اتّباعه فيه، وإنْ كَانَ مِنْ أولياءِ الله المتقين، ومثلُ هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين: طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحاً في ولايته وتقواه بل في بره وكونه من أهل الجنة بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان وكلا هذين الطرفين فاسد»([113]).

6 – أنَّ كثيراً ممن خرج على الحَجَّاج كان يكفره:

قال الشعبي عن الحجاج:«أشهد أنه مؤمن بالطاغوت كافر بالله – يعني الحجاج»([114])، قال ابن عبدالبر:«الحجاج بن يوسف..ومن أهل العلم طائفة تكفره وقد ذكرنا أخبارهم في كتاب مفرد»([115])، وقال ابن حجر:«و كفّره جماعةٌ منهم: سعيد بن جبير، والنخعيّ، و مجاهد، وعاصم بن أبي النجود، و الشعبيّ وغيرهم»([116])، ومع تكفيره له لم يخرجوا عليه حتى ظنوا أن الشوكة لهم، وأنّ عندهم من القدرة والقوة والعصبية ما يتفوقون به على الحجاج، حتى وقع ما لم يكونوا يحتسبون!([117]).

ومما تقدم يعلم حجم هذه الفتنة وأثرها على الأمة الإسلامية في تلك الحقبة، وأنَّ من نجا منها فقد نجا من فتنة عظيمة مظلمة تلبس فيها كثيرون، ولذا حُقَّ للحافظ للعجليّ وهو يترجم لمُطَرِّف أنْ يقولَ:«لَمْ يَنْجُ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ بِالبَصْرَةِ إلا رجلان: مُطَرِّفُ بْنُ عبد الله، ومحمد بْنُ سِيْرِيْنَ».

ولك أنْ تتصور – أخي القارئ الكريم – لو أنَّك كنتَ في ذلك الزمان ماذا سيكون موقفك؟!، نسأل الله العفو والعافية.

ومن هنا أقول: إنّ هذه الفتن المعاصرة التي نعايشها اشتبه فيها الحق بالباطل على كثيرٍ من الناس، فكان حقاً على كل مسلم – والأمرُ كذلكَ – أن يتأن ولا يتعجل، ويشاور أهل العلم الذين جمعوا بين القوة العلمية والقوة العملية([118]).

وسيأتي قول مُطَرِّف:«أتى على الناسِ زمانٌ خيرهُم في دينهم المتسارع، وسيأتي عَلَى الناس زمان خيرهم في دينهم المتأني».

* كلامٌ عظيمٌ لشيخ الإسلام ابنِ تيمية عن فتنة ابن الأشعث وعن مفاسد الخروج على السلطان:

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية:«ففي الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان، كما قال تعالى: â (#qà)¨?$$sù ©!$# $tB ÷Läê÷èsÜtFó$# á [التغابن:16]، وقال النبي @: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، ويعلمون أن الله تعالى بعث محمداً @ بصلاح العباد في المعاش والمعاد، وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما؛ فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله، وإن كان فساده أكثر من صلاحه رجحوا تركه.

فإن الله تعالى بعث رسوله @ بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تولى خليفةٌ مِنْ الخلفاء كيزيد وعبد الملك والمنصور وغيرهم فإمَّا أنْ يقالَ: يجبُ منعه من الولاية وقتاله حتى يُولى غيره كما يفعله من يَرَى السيفَ فهذا رأىٌّ فاسدٌ؛ فإنَّ مفسدةَ هذا أعظم من مصلحته، وقلَّ مَنْ خَرَجَ عَلَى إمامٍ ذي سلطانٍ إلاَّ كَانَ مَا تَولّدَ عَلى فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير، كالذين خَرَجوا على يزيد بالمدينة، وكابن الأشعث الذي خرج على عبدالملك بالعراق...

وأمثال هؤلاء، وغايةُ هؤلاءِ إمّا أنْ يُغْلَبوا، وإمَّا أن يَغْلِبوا ثم يزول ملكُهم فلا يكون لهم عاقبة؛ فإنَّ عبدالله بن علي وأبا مسلم هما اللذان قتلا خلقا كثيراً وكلاهما قتله أبو جعفر المنصور.

وَأمَّا أهلُ الحرّة وابن الأشعث وابن المهلب وغيرهم فَهُزموا وهُزِمَ أصحابهم فلا أقاموا ديناً ولا أبقوا دنيا، وكان الحسن البصريُّ يقولُ: إنَّ الحجاجَ عذابُ اللهِ فلا تدفعوا عذابَ الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع فإنَّ الله تعالى يقول: â ôs)s9ur Nßg»tRõyzr& É>#xyèø9$$Î/ $yJsù (#qçR%s3tGó$# öNÎkÍh5uÏ9 $tBur tbqã㧎|ØtGtƒ ÇÐÏÈ á  [المؤمنون:76]...وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة، كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث، ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابته عن النبي @ وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلقٌ كثيرٌ منْ أهلِ العلم والدين، وبابُ قتالِ أهلِ البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقتال في الفتنة،..ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي @ في هذا الباب، واعتبر أيضا اعتبار أولى الأبصار عَلِمَ أنَّ الذي جاءت به النصوصُ النبوية خير الأمور، وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي @ من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأنَّ مَنْ خَالفَ ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ولهذا أثنى النبي @ على الحسن بقوله: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ولم يثنِ عَلَى أحدٍ لا بقتال في فتنة ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة» ([119]) إلى آخر ما قاله هذا الإمام الخبير

ونحن في هذا الزمان بحاجةٍ لمثل هذا الكلام المُشْرِق المبني على الكتاب والسنة الصحيحة.

 



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أهم سمات منهج

مُطَرِّفِ بن عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ

في الفتن

 

 

1 – الحذر من الْفِتَنِ واعتزالها:

قال قتادةُ: كان مُطَرِّف إذا كانتْ الفتنةُ نَهَى عنها وَهَرَب، وَكَانَ الحسنُ البصريّ ينهى عنها ولا يبرح فَقَالَ مُطَرِّف: ما أُشبِّهُ الحسن إلا برجل يُحَذِّرُ النّاسَ السيلَ ويقوم بِسَنَنهِ([120]).

وقال بشيرُ بنُ عقبة قلتٌ ليزيد بن عبد الله بن الشخير: ما كان مُطَرِّف يصنع إذا هاج في الناس هيج؟ قال: يلزم قَعْرَ بيته([121])، ولا يقرب لهم جمعة ولا جماعة حتى تنجِلي لهم عما انجلت([122]).

وقال مُطَرِّف: إن الفتنة لا تجيء حين تجيء لتهدي الناس، ولكن لتقارع المؤمن عن دينه، ولأنْ يقول اللهُ: لِمَ لا قتلتَ فلاناً؟ أحبّ إلىّ مِنْ أنْ يقولَ: لِمَ قتلتَ فُلاناً؟.

وقال ثابت البناني: إنَّ مُطَرِّف بن عبد الله قال: لبثتُ في فتنةِ ابنِ الزبير تسعاً أو سبعاً ما أُخبرت فيها بخبر، ولا أستخبرتُ فيها عن خَبَر.

وقال مُطَرِّف: لأنْ آخذَ بالثقة في القعود أحب إلىّ من أن ألتمس – أو قال أطلب – فضل الجهاد بالتغرير.

* التعليق:

إنَّ ما فعله مُطَرِّف بن عَبْدِ الله من اعتزالٍ للفتن وتحذيرٍ منها عينُ ما أمر به رسولنا @ عند حلول الفتن، ففي نصوصٍ كثيرةٍ التحذيرُ من الفتن والأمرُ باعتزالها والفرارُ بالدين، منها:

حديثُ أبي هُرَيْرَةَ > قَالَ قَالَ رَسُولُ الله @:«سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ تَشَرّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ([123])، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ»([124]).

حديثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ > أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله @:«يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ»([125])، وقد بوّب البخاريُّ على الحديث بقوله:«بَابٌ مِنْ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنْ الْفِتَنِ».

وقال عُثْمَانُ الشَّحَّامُ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ إِلَى مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَهُوَ فِي أَرْضِهِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا هَلْ سَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ فِي الْفِتَنِ حَدِيثًا؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يُحَدِّثُ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله @:«إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ، أَلا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا، أَلا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِه،ِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ» قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلا غَنَمٌ وَلا أَرْضٌ؟ قَالَ:«يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ» قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي قَالَ:«يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»([126]).

وقال الإمامُ البخاريُّ:«بَاب التَّعَرُّبِ فِي الْفِتْنَةِ»([127]) وروى بإسناده عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاج([128]) فَقَالَ: يَا ابْنَ الأَكْوَعِ ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ تَعَرَّبْتَ؟!([129]) قَالَ: لا، وَلَكِنَّ رَسُولَ الله @ أَذِنَ لِي فِي الْبَدْوِ.

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلادًا فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِلَيَالٍ فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ ([130]).

وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله @ قَالَ:«بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا»([131]).

وحديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله @:«مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَالله إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ أَوْ لِمَا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ»([132]).

وعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِي أَشَدَّ النَّهْيِ ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ الله @ فَيَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: â ¨bÎ) tûïÏ%©!$# ãNßg9©ùuqs? èps3Í´¯»n=yJø9$# þÏJÏ9$sß öNÎkŦàÿRr& á [النساء: 97]([133])، وقد بوّب الإمام البخاريُّ على الحديث بقوله:«بَاب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الْفِتَنِ وَالظُّلْمِ».

وعَنْ أَبِي نَوْفَلٍ: رَأَيْتُ عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ قَالَ: فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَمُرُّ عَلَيْهِ، وَالنَّاسُ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْب،ٍ السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْب،ٍ أَمَا وَالله لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا! أَمَا وَالله لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا! أَمَا وَالله لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا!، أَمَا وَالله إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولاً لِلرَّحِمِ، أَمَا وَالله لأُمَّةٌ أَنْتَ أَشَرُّهَا لأُمَّةٌ خَيْرٌ، ثُمَّ نَفَذَ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ مَوْقِفُ عَبْدِ الله وَقَوْلُهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأُنْزِلَ عَنْ جِذْعِهِ فَأُلْقِيَ فِي قُبُورِ الْيَهُودِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَأَبَتْ أَنْ تَأْتِيَهُ فَأَعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولَ لَتَأْتِيَنِّي أَوْ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مَنْ يَسْحَبُكِ بِقُرُونِكِ قَالَ فَأَبَتْ وَقَالَتْ: وَالله لا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي قَالَ فَقَالَ: أَرُونِي سِبْتَيَّ فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ([134]) حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَدُوِّ الله؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ لَهُ: يَاابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ! أَنَا وَالله ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكُنْتُ أَرْفَعُ بِهِ طَعَامَ رَسُولِ الله @ وَطَعَامَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ الدَّوَابِّ، وَأَمَّا الآخَرُ فَنِطَاقُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لا تَسْتَغْنِي عَنْهُ، أَمَا إِنَّ رَسُولَ الله @ حَدَّثَنَا أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلا إِخَالُكَ إِلا إِيَّاهُ قَالَ فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا([135]).

قال الخطابيُّ:«وكان ابن عمر من أشد الصحابة حذراً من الوقوع في الفتن وأكثرهم تحذيراً للناس من الدخول فيها، وبقى إلى أيام فتنة
ابن الزبير فلم يقاتل معه، ولم يدافع عنه إلا إنّه كان يشهد الصلاة معه فإذا فاتته صلاها مع الحجاج وكان يقول: إذا دعونا إلى الله أجبناهم وإذا دعونا إلى الشيطان تركناهم.

قال مسلم: كنا مع عبد الله بن الزبير والحجاج محاصره وكان ابن عمر يصلي مع ابن الزبير، فإذا فاتته الصلاة معه وسمع مؤذن الحجاج انطلق فصلى معه فقيل: لم تصلي مع ابن الزبير ومع الحجاج؟ فقال: إذا دعونا إلى الله أجبناهم، وإذا دعونا إلى الشيطان تركناهم، وكان ينهي ابن الزبير عن طلب الخلافة والتعرض لها...»([136]).

وَعَنْ مُحَمّد بنِ سيرين قال: قَالَ لي عَبيدةُ السلمانيّ – وأنا بالكوفة، وذلك قبل فتنة ابن الزبير –: افرغ من ضيعتك، ثم انحدر إلى مصرك فإنّه سيحدث في الأرض حدثٌ!، قال قلتُ: فبم تأمرني؟ قال: تلزم بيتك، قال: فلما قدمتُ البصرةَ، وقعت فتنة ابن الزبير([137]).

وقال الإمامُ البُخاريُّ في صحيحهِ:«كِتَاب الْفِتَنِ، بَاب مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: â (#qà)¨?$#ur ZpuZ÷FÏù žw ¨ûtùÅÁè? tûïÏ%©!$# (#qßJn=sß öNä3YÏB Zp¢¹!%s{ ( á  [الأنفال:25]، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ @ يُحَذِّرُ مِنْ الْفِتَنِ».

وقال ~: «بَاب الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْر، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ عِنْدَ الْفِتَنِ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً

*

تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ

حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا

*

وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ

شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ

*

مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ([138])

تنبيهٌ:

ومما ينبغي التفطن له: أنَّ اعتزال الفتن لا يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإظهار الشرع وإعلاء كلمة الحق – بحسب الاستطاعة – والنصح لكل مسلم فقد جاءت نصوص الكتاب والسنة بالأمر بهما والحث عليهما، وبيان خطورة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترك النصيحة للمسلمين([139]).

وتقدم حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: دَعَانَا رَسُولُ الله @ فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ...

وفي الحديث قَالَ رَسُولُ الله @:«أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ»([140]).

وسيأتي أنّ من أعظم أسباب الفتن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

2 – لزومُ الطاعةِ، وعدمُ مفارقةِ الجماعة:

عَنْ سَعيد الْجُرَيْرِيّ عن مُطَرِّف قَالَ قَالَ لِي عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: ألا أحدثك حديثاً لعل الله أن ينفعك به في الجماعة؛ فإني أراك تحب الجماعة! قال: قلتُ: إي والله؛ لأنا أحرص على الجماعة من الأرملة لأني إذا كانت الجماعة عرفتُ وجهي، قال: وقال عمرانُ قال رَسُولُ الله @:«لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قال مُطَرِّف: فنظرتُ في هذه العصابة فإذا هم أهل الشام([141]).

وقال مُطَرِّف:قلتُ لعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ: أنا أفقر إلى الجماعة من عجوز أرملة لأنها إذا كانت جماعة عرفتُ قبلتي ووجهي، وإذا كانت الفرقة التبس على أمري! قال له: إن الله سيكفيك من ذلك ما تحاذر([142]).

وقال الحرمازي: بلغني أنَّ الحجّاجَ بعث إلى مُطَرِّف بن عبد الله أيام
ابن الأشعث وكان من اعتزل أو قاتل عند الحجاج سواء فقال له: اشهد على نفسك بالكفر فقال: إنَّ من خَلَعَ الخلفاء وَشقّ العصا وسفك الدماء ونكث البيعة وأخاف المسلمين لجدير بالكفر فقال الحجاج: يا أهل الشام إنَّ المعتزلين هُم الفائزون وَخلى سبيله([143]).

* التعليق:

إنَّ ما قاله وفعله مُطَرِّف بن عَبْدِ الله من لزوم الطاعة، وعدم مفارقة الجماعة هو ما دلتْ عليه نصوصٌ كثيرةٌ من الكتاب والسنة؛ منها:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ @ أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّة([144]) ٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْه»([145]).

وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ { عَنْ النَّبِيِّ @ قَالَ:«مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»([146]).

وقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ الله @ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا فَقُلْتُ: يَارَسُولَ الله صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، قُلْتُ: يَارَسُولَ الله فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ([147])، وقد بوّب الإمام البخاريُّ على الحديث بقوله:«باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة».

وقَالَ عَبْدُ الله بنُ مسعود قَالَ لَنَا رَسُولُ الله @:«إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ:«أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا الله حَقَّكُمْ»([148]).

وعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله @ فَقَالَ: دَعَانَا رَسُولُ الله @ فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ قَالَ: إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ الله فِيهِ بُرْهَانٌ([149]).

وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله @ يَقُولُ: خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ، قَالُوا قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله أَفَلا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاةَ، لا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاةَ، أَلا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ الله فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ الله، وَلا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ([150]).

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ @ عَنْ النَّبِيِّ @ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُون، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا: يَا رَسُولَ الله أَلا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لا مَا صَلَّوْا. أَيْ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ([151]).

وعَنْ ‏‏الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ ‏‏قَالَ: أَتَيْنَا ‏‏أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ‏فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ ‏‏الْحَجَّاجِ ‏فَقَالَ ‏‏: اصْبِرُوا؛ فَإِنَّهُ لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ @([152]).

وعَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ > عَنْ النَّبِيِّ @ قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: وفُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُم،ْ فَإِنَّ الله سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ([153]).

وعَنْ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ > أنه سأل رَسُولَ الله @ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاء،ُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فقَالَ رَسُولَ الله @َ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ([154]).

وعَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ > وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ فَقَالَ: الصَّلاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ([155]).

قال أبو مُحَمَّد ابنُ حَزْم:«وكان ابنُ عمر يصلي خلف الحجّاج ونجدة أحدهما:خارجيّ([156])، والثاني: أفسق البرية([157])، وكان ابنُ عمر يقول: الصلاة حسنة ما أبالي من شركني فيها، وعن ابن جريج قلتُ لعطاء: أرأيت إماما يؤخر الصلاة حتى يصليها مفرطا فيها قال: أصلي مع الجماعة أحبّ إلي..وعن
أبي الأشعث قال: ظهرت الخوارج علينا فسألتُ يحيى بنَ أبي كثير فقلتُ: يا أبا نصر كيف ترى في الصلاة خلف هؤلاء؟ قال: القرآنُ إمامك صل معهم ما صلوها!،..وعن الحسن: لا تضر المؤمن صلاته خلف المنافق ولا تنفع المنافق صلاته خلف المؤمن، وعن قتادة قلتُ لسعيد بن المسيب: أنصلي خلف الحجّاج قال: إنا لنصلي خلف من هو شر منه.

قال علي([158]): ما نعلم أحداً من الصحابة > امتنع من الصلاة خلف المختار، وعبيد الله بن زياد، والحجاج ولا فاسق أفسق من هؤلاء، وقد قال الله : â (#qçRur$yès?ur n?tã ÎhŽÉ9ø9$# 3uqø)­G9$#ur ( Ÿwur (#qçRur$yès? n?tã ÉOøOM}$# Èb¨urôãèø9$#ur 4 á [المائدة:2]»([159]).

 

¯         ¯        ¯

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

3 – الكف أولى من الفعل فـي الفتن:

عن ثابت البناني عن مُطَرِّف قال: لأن يسألني ربي يوم القيامة فيقول: يا مُطَرِّف ألا فعلتَ! أحبُّ إليّ مِنْ أنْ يقولَ لِمَ فَعلتَ؟([160]).

وقال مُطَرِّف: إن الفتنة لا تجيء حين تجيء لتهدي الناس، ولكن لتقارع المؤمن عن دينه، ولأنْ يقول اللهُ: لِمَ لا قتلتَ فلاناً؟ أحبّ إلىّ مِنْ أنْ يقولَ: لِمَ قتلتَ فُلاناً؟.

وتقدم أنّ من منهج مُطَرِّف اعتزال الفتن ويلزم من ذلك كف اليد، وكف اللسان.

* التعليق:

دلَّ قول مُطَرِّف هذا على أنّ الكف في الفتن وعند الاشتباه أولى من الفعل، وقد دلت السنة الصحيحة على أنَّ مِنْ أفضل ما يعمل في الفتن كف اليد:

فعَنْ الْحَسَنِ عَنْ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَال:َ خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَال: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَحْنَفُ؟ قَالَ قُلْتُ: أُرِيدُ نَصْرَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ الله @ – يَعْنِي عَلِيًّا –، قَالَ فَقَالَ لِي: يَا أَحْنَفُ ارْجِعْ! فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله @ يَقُولُ: إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قَالَ فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ: يَا رَسُولَ الله هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ([161]).

وعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ { أَتَاهُ رَجُلان([162]) ِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالا: إِنَّ النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ @ فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟! فَقَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ الله حَرَّمَ دَمَ أَخِي، فَقَالا: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ
â öNèdqè=ÏG»s%ur 4Ó®Lxm Ÿw tbqä3s? ×psY÷FÏù á [البقرة: 193]؟ فَقَالَ: قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ الله.

وفي روايةٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا وَتَعْتَمِرَ عَامًا وَتَتْرُكَ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ إِيمَانٍ بِالله وَرَسُولِهِ وَالصَّلاةِ الْخَمْسِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ، قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ â bÎ)ur Èb$tGxÿͬ!$sÛ z`ÏB tûüÏZÏB÷sßJø9$# (#qè=tGtGø%$# (#qßsÏ=ô¹r'sù $yJåks]÷t/ ( .bÎ*sù ôMtót/ $yJßg1y÷nÎ) n?tã 3u÷zW{$# (#qè=ÏG»s)sù ÓÉL©9$# ÓÈöö7s? 4Ó®Lxm uäþÅ"s? #n<Î) ͍øBr& «!$# 4 á [الحجرات:9]  قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ! قَالَ: فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله @ وَكَانَ الإِسْلامُ قَلِيلا فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا قَتَلُوهُ وَإِمَّا يُعَذِّبُونَهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَالَ: أَمَّا عُثْمَانُ فَكَأَنَّ الله عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ الله @ وَخَتَنُهُ – وَأَشَارَ بِيَدِهِ – فَقَالَ: هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ([163]).

وعن الأعمش عن أبي صالح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ @ قَالَ:«وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ أَفْلَحَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ»([164]).

وعن ابنِ سيرين قال: قيل لسعد بن أبي وقاص: ألا تقاتل فإنك من أهل الشورى وأنت أحق بهذا الأمر من غيرك؟ فقال: لا أقاتل حتى تأتوني بسيفٍ له عينان ولسان وشفتان، يعرف المؤمن من الكافر، إن ضربتُ به مسلماً نبأ عنه، وأن ضربتُ كافراً قتله، فقد جاهدتُ وأنا أعرف الجهاد.وَضَرَبَ لهم مَثَلاً فَقَالَ: مثلنُا وَمثلكم كمثلِ قومٍ كانوا عَلَى محجةٍ بيضاء، فبينا هم كذلك يسيرون هاجتْ ريحٌ عجاجه، فظلوا الطريق، والتبس عليهم فقال بعضهم: الطريق ذات اليمين فأخذوا فيها فتاهوا وضلوا، وقال آخرون: الطريق ذات الشمال فأخذوا فيها فتاهوا وضلوا، وقال آخرون: كنا في الطريق حيثُ هاجت الريح فنيخ فأناخوا فأصبحوا فذهب الريح، وتبين الطريق فهؤلاء هم الجماعة قالوا:
نلزم ما فارقنا عليه رسول الله @ حتى نلقاه ولا ندخل في شيء من الفتن([165]).

وفي الأثر عن عامر الشعبيّ قال: لما قاتلَ مروانُ([166]) الضحاكَ بنَ قيس أرسلَ إلى أيمن بن خُريم الأسدي([167]) فقال: إنّا نحبُ أن تقاتلَ معنا، فقال: إنَّ أبي وعمي شهدا بدراً فعهدا إليّ أنْ لا أقاتلَ أحداً يشهدُ أنْ لا إله إلا الله، فإن جئتني ببراءةٍ من النّار قاتلتُ مَعَكَ!، فقال: اذهب، وَوَقَعَ فيه وَسَبَّهُ، فأنشأ أيمن يقول:

ولستُ مقاتلاً رجلاً يصلي

*

عَلَى سلطان آخر مِنْ قريش

له سلطانه وعلي إثمي

*

معاذ الله من جهل وطيش

أأقاتل مسلما في غير شيء؟

*

فليس بنافعي ما عشتُ عيشي([168])

قال أبو داود في سننه([169]):«باب في النهي عن القتال في الفتن»، وقد عَقَدَ الشيخُ محمدُ بنُ عبد الوهاب في كتابهِ «الفتن»([170]) باباً قال فيه:«من أحاديث النهي عن السعي في الفتنة» وذكر عدداً من الأحاديث الواردة في ذلك فلتراجعْ..

 

¯         ¯        ¯

 

 

 

 

 

 

4 – الإقدام على بصيرةٍ ومعرفةٍ – خاصةً فـي الفتن –:

قال حميدُ بنُ هلال: أتى مُطَرِّف بن عبد الله زمان ابن الأشعث ناسٌ يدعونه إلى قتال الحجاج فلمّا أكثروا عليه قال: أرأيتم هذا الذي تدعوني إليه هل يزيد على أن يكون جهادا في سبيل الله؟ قالوا: لا، قال: فإني لا أخاطر بين هلكة أقع فيها، وبين فضلٍ أصيبه([171]).

وقال حميد بن هلال أيضاً: أتى مُطَرِّف بن عبد الله الحرورية يدعونه إلى رأيهم فقال: يا هؤلاء إنه لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما وأمسكت الأخرى، فإن كان الذي تقولون هدىً أتبعتها الأخرى، وإن كان ضلالةً هلكت نفسٌ وبقيت لي نفسٌ، ولكن هي نفسٌ واحدةٌ فلا أغرر بها([172]).

وقال مُطَرِّف: لأنْ آخذَ بالثقة في القعود أحب إلىّ من أن ألتمس – أو قال: أطلب – فضل الجهاد بالتغرير([173]).

وقال مُطَرِّف: أتى على الناسِ زمانٌ خيرهُم في دينهم المتسارع، وسيأتي عَلَى الناس زمان خيرهم في دينهم المتأني.

قال أبو أحمد([174]):«سألتُ عَلي بنَ عثّام([175]) عن تفسير هذا الحديث([176]) فقال: كانوا مع رسول الله @ وأصحابه إذا أُمروا بالشيء تسارعوا إليه، وأمّا اليومَ فينبغي للمؤمن أنْ يتبينَ فلا يُقْدم إلا على ما يعرف([177]).

* التعليق:

عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ
مَرِيضٌ قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ @ قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ @ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا
عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ الله فِيهِ بُرْهَانٌ([178]).

بواحا – بفتح الباء الموحدة بعدها واو ثم ألف ثم حاء مهملة – أي ظاهرا لا يحتمل تأويلا، وهذا لا يكون إلاّ بعد علمٍ وبصيرة، قال ابن حجر:«قوله: "عندكم من الله فيه برهان" أي: نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل»([179]).

قلتُ: ومن البصيرة – خاصةً عند الفتن – مراعاة أمور منها:

1 – التثبت دائماً وعدم التعجل:

وهو بهذا ينفذ أمر الله في قوله: â $pkšr'¯»tƒ šúïÏ%©!$# (#ûqãZtB#uä #sŒÎ) óOçFö/uŽŸÑ Îû È@Î6y «!$# (#qãZ¨Šu;tFsù á [النساء: 94]. وفي قراءة: (فتثبتوا). وقوله: â $pkšr'¯»tƒ tûïÏ%©!$# (#ûqãZtB#uä bÎ) óOä.uä!%y` 7,Å$sù :*t6t^Î/ (#ûqãY¨t6tGsù br& (#qç7ŠÅÁè? $JBöqs% 7's#»ygpg¿2 á [الحجرات: 6].

وقد عاب الله المتسرعين إلى إذاعة الأخبار التي يخشى من إذاعتها، فقال تعالى: â #sŒÎ)ur öNèduä!%y` ֍øBr& z`ÏiB Ç`øBF{$# Írr& Å$öqyø9$# (#qãã#sŒr& ¾ÏmÎ/ ( öqs9ur çnrŠu n<Î) ÉAqߧ9$# #n<Î)ur Í<'ré& ͍øBF{$# öNåk÷]ÏB çmyJÏ=yès9 tûïÏ%©!$# ¼çmtRqäÜÎ7/ZoKó¡o öNåk÷]ÏB 3 á [النساء: 83] ([180]).

قال السعدي: «هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق.
وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها، فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك.

وإن رأوا ما فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته لم يذيعوه.

ولهذا قال " لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ " أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.

وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله ولا يتقدم بين أيديهم فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها.

والأمر بالتأمل قبل الكلاموالنظر فيه هل هو مصلحة فيُقْدِم عليه الإنسان أم لا؟ فيحجم عنه([181]).

ولا يخفى كم جرَّ عدم التثبت من مصائب وشرور وأحقاد بل وصل أحيانا إلى إراقة دماء معصومة بغير ذنب وجريرة!.

2 – استشعار مسؤولية الكلمة والتفكير قبل الإجابة:

وهو بهذا الهدي يستشعر قوله تعالى: â $¨B àáÏÿù=tƒ `ÏB @Aöqs% žwÎ) Ïm÷ƒys9 ë=Ï%u ÓŠÏGtã ÇÊÑÈ á [ق:18]، وقوله â ¨bÎ)ur öNä3øn=tæ tûüÏàÏÿ»utm: ÇÊÉÈ $YB#uÏ. tûüÎ6ÏF»x. ÇÊÊÈ tbqçHs>÷ètƒ $tB tbqè=yèøÿs? ÇÊËÈ á [الإنفطار: 10 – 12]، وقوله: â ÷Pr& tbqç7|¡øts $¯Rr& Ÿw ßìyJó¡nS öNèd§ŽÅ  Oßg1uqøgwUur 4 4n?t/ $uZè=ßâur öNÎköys9 tbqç7çFõ3tƒ ÇÑÉÈ á [الزخرف:80].

قال حماد بنُ زيد: سئل أيوب السختياني عن مسألةٍٍ فسكتْ فقالَ الرجلُ: يا أبا بكر لم تفهم أعيدُ عليكَ؟ قال: فقال أيوب: قد فهمتُ، ولكني أفكرُ كيفَ أجيبك([182]).

وقال شداد بن أوس:«مَا تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا وَأَنَا أَخْطِمُهَا وَأَزُمُّهَا»([183]).

رَوَى الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي قُدَامَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ قَالَ: سُئِلَ الْخَلِيلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَبْطَأَ بِالْجَوَابِ فِيهَا قَالَ: فَقُلْتُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلُّ هَذَا النَّظَرِ قَالَ: فَرَغْتُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ وَجَوَابِهَا وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجِيبَك جَوَابًا يَكُونُ أَسْرَعَ إلَى فَهْمِكَ قَالَ أَبُو قُدَامَةَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عُبَيْدٍ فَسُرَّ بِهِ([184])، وقال ابن دقيق العيد:«ما تكلمتُ بكلمةٍ ولا فعلتُ فعلاً إلا أعددتُ لذلك جواباً بين يدي الله تعالى»([185]).

وقال سحنون:«كان بعض من مضى يريد أن يتكلم بالكلمة ولو تكلم بها لأنتفع بها خلق كثير، فيحبسها ولا يتكلم بها مخافة المباهاة، وكان إذا أعجبه الصمت تكلم، ويقول: أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علما»([186]).

وإذا أردتَ المزيدَ من أخبار السلف في هذا الباب فراجع كتاب "الصمت" لابنِ أبي الدنيا "باب قلة الكلام والتحفظ في النطق"، وسترى ما يطول منه عجبك، وتعرف قدر نفسك والله المستعان.

3 – كثرة الاستشارة:

وهو بهذا يهتدي بأمر الله بها نبيه @ – والنبي @ أكملُ الناس عقلاً، وأغزرهم علماً، وأفضلهم رأياً – في قوله تعالى: â öNèdöÍr$x©ur Îû ͐öDF{$# ( á
[آل عمران:159].

وبما مدح عباده بقوله – في سورة تسمى:سورة الشورى –: â tûïÏ%©!$#ur (#qç/$yftGó$# öNÎkÍh5uÏ9 (#qãB$s%r&ur no4qn=¢Á9$# öNèdãøBr&ur 3uqä© öNæhuZ÷t/ á [الشورى:38]، وهذا
يشمل جميع أمورهم الدينية والدنيوية، الداخلية والخارجية، العامة
والخاصة([187]).

قال الحسنُ البصريّ:«واللهِ ما تشاور قومٌ إلا هدوا لأفضل ما يحضر بهم ثم تلا â öNèdãøBr&ur 3uqä© öNæhuZ÷t/ á [الشورى:38]»([188]).

وكان النبي @ يشاور أصحابه في كل ما يحتاج إلى المشاورة من دقيق وجليل، ويأخذ برأيهم المصيب، وربما ابتدؤه بالرأي الذي يرونه فيرجع إليه إذا اتضح له صوابه، وإنما كانت المشاورة لها هذا المقام الجليل لما يترتب عليها من المصالح الكلية العامة في الشؤون الدينية والشؤون الدنيوية وأمور السياسة وتوابعها([189]).

وقد كانت المسألة تنزل بعمر بن الخطاب > وهو المُحَدّث الملهم فيستشير لها من حضر من الصحابة، وربما جمعهم وشاورهم حتى كان يشاور عبد الله بن عباس > – وهو إذ ذاك أحدث القوم سنا – وكان يشاور عليا وعثمان وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وغيرهم } أجمعين.

ولا ريب أنَّ الاستشارة فيها من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره، ولو لم يكن فيها إلاّ أنَّ المشاورَ لا يكاد يخطى في فعله، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب فليس بملوم لكفى.

ولمّا كان المسلمون قد طبقوا هذا الأصل في صدر الإسلام على أمورهم الدينية والدنيوية كانت الأمور مستقيمة، والأحوال في رقيّ وازدياد، فلمّا انحرفوا عن هذا الأصل ما زالوا في انحطاط في دينهم ودنياهم، حتى وصل بهم إلى الحال ما ترى، فلو راجعوا دينهم في هذا الأصل وغيره لأفلحوا ونجحوا.

ومن آثار عدم الاستشارة ما نرى في واقعنا المعاصر من إقدام بعض المصلحين – عن حسن نية – على أعمالٍ عَامّة كانت لها أضرار سيئة على الإسلام والمسلمين، وعلى الدعوة عموماً..لمَّا لم يستشر أهل العلم والحلم والعقل!، والله غالبٌ على أمرهِ، ولهُ الحكمةُ البالغةُ .

4 – الاستخارة قبل العمل:

وهو بهذا يعمل بحديث جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله { قال: كانَ رسولُ الله @ يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ يَقُولُ: إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بِالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُل: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكُ بِعِلْمِكَ، وَأسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأسْألُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أقْدِرُ وتَعْلَمُ وَلا أعْلَمُ وأنْتَ علاَّمُ الغُيُوبِ، اللَّهُم إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذَا الأمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي ومَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمْرِي أوْ قال عاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ فاقْدُرْهُ لِي ويَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فيهِ وَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي ومَعَاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي أوْ قالَ: فِي عاجِلِ أمْرِي وَآجِلِهِ فاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ثُمْ أرْضِنِي قال: ويُسَمِّي حاجَتَهُ([190]).

قال عبد الله بن عمر:«إنَّ الرجلَ ليستخير اللهَ فيختار له، فيسخط على ربه، فلا يلبث أنْ ينظر في العاقبة فإذا هو خيرٌ له»([191]).

قال ابنُ القيم:«وكان شيخ الإسلام ابنُ تيمية يقول: ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وتثبت في أمره، وقد قال : â öNèdöÍr$x©ur Îû ͐öDF{$# ( #sŒÎ*sù |MøBztã ö@ª.uqtGsù n?tã «!$# 4 á [آل عمران:159]، وقال قتادة: ما تشاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم»([192]).

وقال أيضاً:«فالمقدور يكتنفه أمران: الاستخارة قبله، والرضا بعده، فمن توفيق الله لعبده وإسعاده إياه أن يستخير قبل وقوعه، ويرضى بعد وقوعه، ومن خذلانه له أن لا يستخيره قبل وقوعه، ولا يرضى به بعد وقوعه»([193]).

 

¯         ¯        ¯

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

5 – الموازنة بين المصالح والمفاسد:

– عن أيوب عن مطرف بن الشخير أنه كَانَ يقولُ:لئن لم يكن لي دين حتى أقومَ إلى رَجَلٍ مَعَهُ مائةُ ألفِ سيفٍ أرمي إليه كلمةً فيقتلني إنْ ديني إذاً لضيّق([194]).

ومن مجمل سيرة مُطَرِّف بن عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ نرى أنه يوازن بين المصالح والمفاسد، وهذه المسألة من المسائل العظيمة التي ينبغي العناية بها خاصةً في هذا الزمان؛ لعظم الحاجة إليها؛ ولأنَّ النّاس فيها بين إفراط وتفريط؛ فطائفةٌ لم تعتد بالمصالح الراجحة فخالفت بذلك النصوص الصريحة من كتاب الله وسنة رسوله @ – ويأتي ذكرها –، وطائفة تساهلت في اعتبار المصالح و توسعت في استعمالها على حساب النصوص الشرعية الواضحة فلم تراعِ "فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد"، ووفق الله طائفة فتوسطت بين هاتين الطائفتين فعملت "بفقه الموازنة بين المصالح والمفاسد" في ضوء نصوص الكتاب والسنة مراعية في ذلك الأصول والضوابط الشرعية مستفيدة من فهوم العلماء المحققين من سلف الأمة.

ويمكن إجمال الكلام على هذه المسألة في نقطتين([195]):

النقطة الأولى: مراعاة القواعد التي دل عليها استقراء جملة النصوص الشرعية في هذه المسألة ومنها قاعدة:"درء([196]) المفاسد أولى من جلب المصالح" – وهي الأصل في هذا الباب –، فإذا تعارضتْ مفسدةٌ ومصلحة قُدِّمَ دفع المفسدة غالباً – إلاّ أنْ تكون المصلحة راجحة فتقدم على المفسدة المرجوحة – لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات([197])، ولذلك قال @:«فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ»([198]) فجعل المناهي آكد في الاعتبار من الأوامر؛ حيث حَتّمَ في المناهي من غير مثنوية، ولم يحتم ذلك في الأوامر إلا مع التقييد بالاستطاعة، وذلك إشعار بترجيح مطابقة المناهي على مطابقة الأوامر.

ومن النصوص الدالة على هذه القاعدة قوله تعالى: â Ÿwur (#q7Ý¡n@ šúïÏ%©!$# tbqããôtƒ `ÏB Èbrߊ «!$# (#q7Ý¡uŠsù ©!$# #Jrôtã ÎŽötóÎ/ 5Où=Ïæ 3 á [الأنعام:108].

قال ابنُ كثير:«يقولُ اللهُ تعالى ناهياً لرسوله @ والمؤمنين عن سب آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين... ومن هذا القبيل وهو ترك المصلحة لمفسدة أرجح منها ما جاء في الصحيح أن رسول الله @ قال: ملعون من سب والديه قالوا: يا رسول الله وكيف يسب الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه»([199]).

ومن النصوص أيضاً: حديثُ عَائِشَةَ < قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ الله @ عَنْ الْجَدْر([200]) أَمِنْ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَلِمَ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ، قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ: فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ لَنَظَرْتُ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْزِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ([201]). وقد بوّب البخاريّ على الحديث بقوله:«باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه»([202])، قال
ابنُ حجر:«والمراد بالاختيار في عبارته المستحب، وفيه: اجتنابُ ولي الأمر ما يتسرع الناس إلى إنكاره، وما يخشى منه تولد الضرر عليهم في دين أو دنيا، وتألف قلوبهم بما لا يترك فيه أمر واجب، وفيه تقديم الأهم فالأهم من دفع المفسدة وجلب المصلحة، وإنهما إذا تعارضا بدئ بدفع المفسدة، وأنَّ المفسدة إذا أمن وقوعها عاد استحباب عمل المصلحة»([203]).

قَالَ شيخُ الإسلام – أثناء كلامه على بعض المستحبات ومنها مسألة البسملة والجهر بها –:«وَيستحبُ للرجلِ أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحباتِ؛ لأنَّ مصلحةَ التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا، كما تَرَكَ النبيّ @ تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب، وكما أنكر
ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متما وقال: الخلافُ شرٌّ»([204]).

وقال أيضاً:«فالعملُ الواحدُ يكون فعله مستحباً تارةً، وتركه تارةً، باعتبار ما يترجح من مصلحة فعله وتركه بحسب الأدلة الشرعية، والمسلم قد يترك المستحب إذا كان في فعله فساد راجح على مصلحته كما ترك النبي @ بناء البيت على قواعد إبراهيم وقال لعائشة: لولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية لنقضت الكعبة ولألصقتها بالأرض ولجعلت لها بابين بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه والحديث في الصحيحين فترك النبي هذا الأمر الذي كان عنده أفضل الأمرين للمعارض الراجح وهو حِدْثانُ عهد قريش بالإسلام لما في ذلك من التنفير لهم فكانت المفسدة راجحة على المصلحة، ولذلك استحب الأئمةُ أحمد وغيره أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل إذا كان فيه تأليف المأمومين مثل أن يكون عنده فصل الوتر أفضل بأن يسلم في الشفع ثم يصلي ركعة الوتر وهو يؤم قوما لا يرون إلا وصل الوتر فإذا لم يمكنه أن يتقدم إلى الأفضل كانت المصلحة الحاصلة بموافقته لهم بوصل الوتر أرجح من مصلحة فصله مع كراهتهم للصلاة خلفه وكذلك لو كان ممن يرى المخافتة بالبسملة أفضل أو الجهر بها وكان المأمومون على خلاف رأيه ففعل المفضول عنده لمصلحة الموافقة والتأليف التي هي راجحة على مصلحة تلك الفضيلة كان جائزاً حسناً»([205]).

وقال أيضاً:«الواجبات والمستحبات لا بد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة إذ بهذا بعثت الرسل، وأنزلت الكتب، والله لا يحب الفساد بل كل ما أمر الله به فهو صلاح، وقد أثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين امنوا وعملوا الصالحات، وذم الفساد والمفسدين في غير موضع، فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم يكن مما أمر الله به وإن كان قد تُرِكَ واجب وفُعِلَ محرم إذ المؤمن عليه أن يتقى الله في عباد الله وليس عليه هداهم وهذا من معنى قوله تعالى: â $pkšr'¯»tƒ tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä öNä3øn=tæ öNä3|¡àÿRr& ( Ÿw Nä.ŽÛØtƒ `¨B ¨@|Ê #sŒÎ) óOçF÷ƒytF÷d$# 4 á [المائدة:105]، والاهتداء إنما يتم بأداء الواجب فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات لم يضره ضلال الضال...وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت فانه يجب ترجيح الراجح منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد فإن الأمر والنهى وإن كان متضمنا لتحصل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته، لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة، فَمَتَى قدر الإنسان على اتّباع النصوص لم يعدل عنها، وإلاّ اجتهد رأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقلَّ أن تعوزَ النصوصُ مَنْ يكونُ خبيراً بها وبدلالتها على الأحكام، إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر، بحيث لا يفرقون بينهما، بل إما أن يفعلوهما جميعاً أو يتركوهما جميعاً لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا عن منكر، بل ينظر فإن كان المعروف أكثر أُمر به، وإن استلزم ما هو دونه من المنكر، ولم يُنه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه، بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله، والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله @ وزوال فعل الحسنات، وإنْ كان المنكر أغلب نُهي عنه، وإن استلزم ما هو دونه من المعروف، ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزِم للمنكر الزائد عليه، أمراً بمنكر وسعياً في معصية الله ورسوله @، وإنْ تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما فتارة يصلح الأمر، وتارة يصلح النهي، وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي حيث كان المنكر والمعروف متلازمين وذلك في الأمور المعينة الواقعة،..ومن هذا الباب إقرار النبي @ لعبد الله بن أبي وأمثاله من أئمة النفاق والفجور لما لهم من الأعوان، فإزالة منكره بنوع من عقابه مستلزمة إزالة معروف أكبر من ذلك بغضب قومه وحمِيَّتهم، وبنفور الناس إذا سمعوا أنَّ محمداً يقتل أصحابه»([206]).

وقال أيضاً:«إذا لم يُزَل المنكر إلا بما هو أنكر منه صار إزالته على هذا الوجه منكراً، وإذا لم يحصل المعروف إلا بمنكر مفسدته أعظم من مصلحة ذلك المعروف، كان تحصيل ذلك المعروف على هذا الوجه منكراً »([207]).

وقال ابن القيم:«النَّبِيُّ @ شَرَعَ لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل – بإنكاره – من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كَانَ إنكارُ المنكرِ يستلزمُ مَا هُوَ أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإنْ كَانَ الله يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكارِ عَلَى الملوكِ والولاةِ بالخروجِ عليهم؛ فإنَّهُ أساسُ كلِّ شرٍ وفتنةٍ إلى آخرِ الدهر، وقد استأذن الصحابةُ رَسُولَ الله @ في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: لا ما أقاموا الصلاة، وقال: من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر ولا ينزعن يدا من طاعته، وَمَنْ تأملَ مَا جَرَى على الإسلام في الفتن الصغار و الكبار، رآها من إضاعة هذا الأصل، و عدم الصبر على المنكر، فطلبوا إزالته، فتولد منه ما هو أكبر منه، و قد كان رسول الله @ يرى بمكة أكبر المنكرات و لا يستطيع تغييرها، بل لمّا فتح الله مكة صارت دار الإسلام، عَزَمَ على تغيير البيت وردّه على قواعد إبراهيم، و منعه من ذلك – مع قدرته عليه – خشيته وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام، و كونهم حديثو عهد بكفر، و لهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد؛ لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه كما وجد سواء.

فإنكار المنكر أربع درجات:

الأولى أن يزول ويخلفه ضده.

الثانيــة أن يقل وإن لم يزل بجملته.

الثالثــة أن يخلفه ما هو مثله.

الرابعة أن يخلفه ما هو شر منه.

فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد،، والرابعة محرمة...

وسمعتُ شيخَ الإسلام ابنَ تيمية – قدس الله روحه ونور ضريحه – يقول: مررتُ أنا وبعضُ أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي، فأنكرتُ عليه!، وقلتُ له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبئ الذرية وأخذ الأموال فدعهم!»([208]).

ومما أنبه عليه أنّ ما تقدم إنّما هو تقريريّ نظريّ ينبغي أن يكون مستقراً عند طالب العلم الناصح لنفسه، المُشفق على أمته..ويبقى التطبيق العلميّ والممارسة الفعلية للتقرير النظريّ، والنقطةُ الثانيةُ تعالج هذا الأمر وهي:

النقطة الثانية: يستفاد من قول شيخ الإسلام المتقدم:«فالعملُ الواحدُ يكون فعله مستحباً تارةً، وتركه تارةً، باعتبار ما يترجح من مصلحة فعله وتركه بحسب الأدلة الشرعية»، وكذلك قوله ~: «فتفطن لحقيقة الدين، وانظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح الشرعية والمفاسد، بحيث تعرف ما ينبغي من مراتب المعروف ومراتب المنكر، حتى تقدم أهمها عند المزاحمة، فإن هذا حقيقة العمل بما جاءت به الرسل، فإن التمييز بين جنس المعروف وجنس المنكر، وجنس الدليل وغير الدليل يتيسر كثيراً. فأما مراتب المنكر ومراتب الدليل، بحيث تقدم عند التزاحم أعرف المعروفين فتدعو إليه، وتنكر أنكر المنكرين، وترجح أقوى الدليلين، فإنه هو خاصة العلماء بهذا الدين»([209]).

إنَّ طالب العلم لكي يوازن بين المصالح والمفاسد لا بدَّ له من الجمع بين القوة العلمية والقوة العملية – وتقدم كلام ابن القيّم في الجمع بين القوتين: العلمية والعملية – فليست المسألة خاضعة لرغبات شخصية، وأهواء فردية، وتوجهات حزبية لو فتح لها الباب لغيرت مراسيم الشريعة، وألغت أصول العقيدة بدعوى مصالح متوهمة مصادمة لنصوص الشرع كما وُجد في زماننا هذا من يدعو لنقل صلاة الجمعة إلى يوم الأحد في البلاد الكافرة الغربية مراعاة لأحوال الناس لأنّ الإجازة هناك يوم الأحد!!.

فالمسألة منوطة بالعلم الصحيح المبني على الكتاب والسنة الصحيحة، ومعرفة الواقع المعين، فإنْ كنتَ كذلك وإلاّ فقد قال تعالى: â (#ûqè=t«ó¡sù Ÿ@÷dr& ͍ø.Ïe%!$# bÎ) óOçGYä. Ÿw tbqçHs>÷ès? á [النحل:43].

وقال: â #sŒÎ)ur öNèduä!%y` ֍øBr& z`ÏiB Ç`øBF{$# Írr& Å$öqyø9$# (#qãã#sŒr& ¾ÏmÎ/ ( öqs9ur çnrŠu n<Î) ÉAqߧ9$# #n<Î)ur Í<'ré& ͍øBF{$# öNåk÷]ÏB çmyJÏ=yès9 tûïÏ%©!$# ¼çmtRqäÜÎ7/ZoKó¡o öNåk÷]ÏB 3 á [النساء: 83].

 

¯         ¯        ¯

 

 

 

 

 

 

 

 

6 – لزومُ الدعاءِ والتعوذ من الفتن والافتقار الحقيقي الحالي إلى مُلهم الصواب:

يَبِينُ من سيرة مُطَرِّف بن عَبْدِ الله ملازمته للدعاء – خاصةً عند الحاجة والفتن – وشدة افتقارهِ إلى الله في كشف الكرب وإزالة الفتن، ولذا نرى أنّه كثيراً ما يحث على الدعاء ويبين فضله ومكانته، وتقدم أنّ مُطَرِّف موصوف بأنّه مجاب الدعاء، وذكرنا له بعض القصص الصحيحة الدالة على ذلك.

قال غيلانُ بنُ جرير: حَبَسَ الحجّاج مُورقاً العجلي([210]) في السجن، فطلبنا فأعيانا، فلقيني مُطَرِّف فقال: ما صنعتم في صاحبكم؟ قلتُ: محبوسٌ، قال: تعال حتى ندعو، فدعا مُطَرِّف وأمنا على دعائه فلما كان العشي خرج الحجّاج فجلس وأذن للناس فدخلوا عليه فدخل أبو مورق فيمن دخل فدعا الحجّاج حرسيا فقال: اذهب بذاك الشيخ إلى السجن فادفع إليه ابنه.قال خالد([211]):من غير أن يكلمه فيه أحدٌ من النّاس([212]).

وقال غيلان بن جرير: حُبِسَ ابنُ أخٍ لمُطَرِّف بن عبد الله فلبس خلقان ثيابه وأخذ عكازا بيده فقيل: ما هذا؟ قال: أستكين لربي لعله أن يشفّعني في ابن أخي([213]).

قلتُ: ومن الدعاء المنقول عن مُطَرِّف قوله:«اللهم إني أعوذ بك من شر السلطان، ومن شر ما تجري به أقلامهم، وأعوذ بك أن أقول بحقٍ أطلب به غير طاعتك، وأعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك، وأعوذ بك أن أستغيث بشيء من معاصيك على ضر نزل بي، وأعوذ بك أن تجعلني عبرة لأحد من خلقك، وأعوذ بك أن تجعل أحدا أسعد بما علمته مني، اللهم لا تخزني فإنك بي عالم، اللهم لا تعذبني فانك علي قادر»([214]).

وقوله:«اللهم تقبل مني صلاةً، اللهم تقبل مني صياماً، اللهم اكتب لي حسنة» ثم يقول مُطَرِّف:«إنما يتقبل الله من المتقين»([215]).

ومن لفتاته الجميلة في الدعاء قوله:«إذا دخلتُم على مريضٍ فإنْ استطعتُم أنْ يدعوَ لكم، فإنه قد حُرِّكَ»([216]) أي قد أوقظ من غفلته بسببِ مرضهِ فدعاؤه مستجابٌ من أجل كسره ورقةِ قلبهِ كما قال ابن كثير([217]).

وكذلك من جميل كلامه قوله:«نظرتُ في بدء هذا الأمر ممن هو؟ فإذا هو من الله تعالى، قلتُ: فعلى مَنْ تمامُهُ؟ فإذا هو عَلَى الله تعالى، ونظرتُ ما ملاكه؟ فإذا ملاكه الدّعاء»([218]).

وقال مُطَرِّف: تذكرتُ ما جماعُ الخير؟ فإذا الخيرُ كثيرٌ: الصومُ والصلاةُ، وإذا هو في يد الله وإذا أنت لا تقدر على ما في يد الله إلاّ أنْ تسألَه فيعطيك، فإذا جماعُ الخيرِ الدعاءُ([219]).

وقد كان مُطَرِّف يفضل لقاء إخوانه على لقاء أهله محبةً للدعاء وكان يقول:«لقاءُ إخواني أحبُّ إليّ من لقاء أهلي لأن إخواني يدعون لي بدعوة أرجو فيها»([220]).

* التعليق:

عند الفتن تطيش العقول، وتحتار النفوس فلا تدري ماذا تعمل؟ وفي هذا الموقف يغفل كثيرٌ من النَّاس عن سلاحٍ عظيمٍ كان عُدة للأنبياء والصالحين على مرّ الزمان ألا وهو الدعاء، قال تعال عن نبيه نوح: â %tæysù ÿ¼çm­/u ÏoTr& Ò>qè=øótB öŽÅÇtGR$$sù ÇÊÉÈ !$sYóstFxÿsù z>¨uqö/r& Ïä!$yJ¡¡9$# &ä!$oÿÏ3 9ÉKpk÷]B ÇÊÊÈ á [القمر: 10 – 11]، وقال عن نبيه ذي النون â #sŒur ÈbqZ9$# ŒÎ) |=yd©Œ $Y6ÅÒ»tóãB £`sàsù br& `©9 uÏø)¯R Ïmøn=tã 3yŠ$sYsù Îû ÏM»yJè=à9$# br& Hw tm»s9Î) HwÎ) |MRr& y7sY»ysö6ß ÏoTÎ) àMZà2 z`ÏB šúüÏJÏ=»©à9$# ÇÑÐÈ á [الأنبياء:87]، وقال تعالى: â ôs)s9ur !$uZù=yör& #n<Î) 5OtBé& `ÏiB y7Ï=ö6s% Oßg»tRõs{r'sù Ïä!$yù't7ø9$$Î/ Ïä!#§ŽœØ9$#ur öNßg¯=yès9 tbqã㧎|ØtGtƒ ÇÍËÈ á [الأنعام:42]. وقال تعالى: â tA$s%ur ãNà6š/u þÏTqããôŠ$# ó=ÅftGór& öNä3s9 4 ¨bÎ) šúïÏ%©!$# tbrãŽÉ9õ3tGó¡o ô`tã ÏAyŠ$t6Ïã tbqè=äzôuy tL©èygy_ šúï͍½z#yŠ ÇÏÉÈ á [غافر:60]، وقال: â #sŒÎ*sù ¡§tB z`»|¡SM}$# @ŽàÑ $tR%tæyŠ á [الزمر:49].

وفي الحديث الصحيح:«الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»([221]).

والآيات والأحاديث في الحث على الدعاء وبيان فضله وأثره وشروطه كثيرة، وقد أُفردت لها مؤلفات.

فيا أخي عند الفتن والاشتباه اجعل أقوى أسبابك للنجاة الدعاء بقلب صادق مخلص كدعاء الغريق، وسترى أثر ذلك جلياً، وما زالت إجابة الداعين أمراً مشهوداً إلى يومنا هذا لمن صدق اللجوء إلى الله تعالى وأتى بشرائط الإجابة.

ومن الأدعية العظيمة في هذا الموطن:

1 – ما رواه عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ @ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ الله @ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاةِ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال،ِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَات،ِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ»([222]).

2 – وفي الحديث عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ الله @ كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ:«اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّ قَلْبِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِب،ِ اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ»([223]).

3 – وعن عَمْرَو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيَّ قَال:َ كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ وَيَقُول:ُ إِنَّ رَسُولَ الله @ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ([224]).

4 – وقال الإمام البخاريُّ:«بَاب التَّعَوُّذِ مِنْ الْفِتَنِ» ثم روى حديث أَنَسٍ قَالَ: سَأَلُوا النَّبِيَّ @ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ وفيه:«أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِالله رَبًّا وَبِالإِسْلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا نَعُوذُ بِالله مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ..» وقال أنس – لمّا حدّث بالحديث –:«عَائِذًا بِالله مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ»([225]).

5 – دعاء الاستفتاح الذي كان رسول الله @ يدعو به في قيام الليل فعن أبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ الله @ يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ([226]).

قال ابنُ القيم:«وكان شيخنا كثير الدعاء بذلك، وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول: يا معلم إبراهيم علمني، ويكثر الاستعانة بذلك اقتداء بمعاذ بن جبل > حيث قال لمالك بن يخامر السكسكي عند موته – وقد رآه يبكي – فقال: والله ما أبكى على دنيا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنت أتعلمهما منك، فقال معاذ بن جبل >: إنَّ العلم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما اطلب العلم عند أربعة عند: عويمر أبي الدرداء، وعند عبد الله بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وذكر الرابع، فإن عجز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض عنه أعجز، فعليك بمعلم إبراهيم – صلوات الله عليه –، وكان بعض السلف يقول عند الإفتاء: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وكان مكحول يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكان مالك يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم، وكان بعضهم يقول: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، وكان بعضهم يقول: اللهم وفقني واهدني وسددني واجمع لي بين الصواب والثواب واعذني من الخطأ»([227]).

وقال ابنُ القيم أيضاً:« ينبغي للمفتي الموفق إذا نزلت به المسألة أنْ ينبعثَ من قلبه الافتقار الحقيقيّ الحاليّ لا العلمي المجرد إلى مُلْهِمِ الصواب، ومُعلمِ الخير، وهادي القلوب، أنْ يُلْهمه الصواب، ويفتح له طريق السداد، ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده في هذه المسألة، فَمَتى قَرَعَ هذا البابَ فقد قرع بابَ التوفيق، وما أجدر من أمَّل فضلَ ربهِ أنْ لا يحرمه إياه، فإذا وَجَدَ من قلبه هذه الهمّة فهي طلائع بشرى التوفيق، فعليه أن يوجه وجهه ويحدق نظره إلى منبعِ الهدى، ومعدنِ الصواب، ومطلع الرشد، وهو النصوص من القرآن والسنة وآثار الصحابة، فيستفرغ وسعه في تعرف حكم تلك النازلة منها، فإنْ ظَفر بذلك أخبر به، وإنْ اشتبه عليه بَادَرَ إلى التوبةِ والاستغفارِ والإكثار مِنْ ذِكرِ الله فإنَّ العلمَ نورُ الله يقذفه في قلبِ عبده، والهوى والمعصية رياحٌ عاصفةٌ تطفئ ذلكَ النور أو تكاد، ولا بد أنْ تضعفه.

وشهدتُ شيخَ الإسلام – قدس الله روحه – إذا أعيته المسائلُ، واستصعبت عليه فرَّ مِنها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللجأ إليه واستنزال الصواب من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته، فقلما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليه مداً، وتزدلف الفتوحاتُ الإلهية إليه بأيتهن يبدأ، ولا ريب أنَّ مَنْ وُفق لهذا الافتقار علماً وحالاً وسار قلبه في ميادينه بحقيقةٍ وقصدٍ فقد أعطى حظه من التوفيق، ومَنْ حُرمه فقد منع الطريق والرفيق، فمتى أعين مع هذا الافتقار ببذل الجهد في درك الحق فقد سلك به الصراط المستقيم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم »([228]).

قال ابنُ حَجَرتعليقاً على قول عمَّار بن ياسر: أعوذ بالله من الفتن([229]): «فيهِ دليلٌ عَلَى استحبابِ الاستعاذة من الفتن، ولو علم المرءُ أنه متمسكٌ فيها بالحق، لأنها قد تفضي إلى وقوع من لا يرى وقوعه، قال ابنُ بطال: وفيه ردٌّ للحديث الشائع لا تستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين، قلتُ: وقد سُئل ابن وهب قديماً عنه فقال: إنه باطلٌ»([230]).

وفي الأثر عن أبي هريرة:«تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاء كدعاء الغريق»، ورُوي نحوه من قول حذيفة([231]).

 

¯         ¯        ¯

 

 

 

 

7 – الانشغال بالعبادة:

تقدم أنَّ مُطَرِّف من المكثرين من العبادة، وكان ممن يخفي عبادته وعمله قدر المستطاع لذا قال ابنُ حبان:«مِنْ أهل العبادة والزهد والتقشف، ممن لزم الورع الخفى»، وتقدم قول الذهبيّ:«كانَ رأساً في العلم والعمل».

وتقدم أنّ مُطَرِّف عند الفتن يلزم بيته، ويترك استخبار الفتن، ولا شكّ أنه منشغل بالعبادة والعلم.

* التعليق:

دلتْ النصوص الصريحة الصحيحة على فضل العبادة عند الفتن([232])، ومن النصوص الواردة في هذا حديث مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ الله @ قَالَ:«الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ»([233]).

قال النوويُّ في كتابه "رياض الصالحين"([234]) «باب فضل العبادة في الهرج وهو الاختلاط والفتن، ونحوها». ثم ذكر الحديث، وقال أيضاً:«المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس، وسببُ كثرةِ فضلِ العبادة فيه أنّ الناس يغفلون عنها، ويشتغلون عنها ولايتفرغ لها إلا أفراد».

قال المناويُّ:«"العبادة في الهرج" أي وقت الفتن واختلاط الأمور، "كهجرة إليّ " في كثرة الثواب، أو يقال المهاجر في الأول كان قليلا لعدم تمكن أكثر الناس من ذلك، فهكذا العابد في الهرج قليل، قالَ ابنُ العربي: وجهُ تمثيله بالهجرة أنَّ الزمن الأول كان الناس يفرون فيه من دار الكفر وأهله إلى دار الإيمان وأهله، فإذا وقعت الفتن تعين على المرء أن يفر بدينه من الفتنة إلى العبادة، ويهجر أولئك القوم وتلك الحالة وهو أحد أقسام الهجرة»([235]).

ونحن في هذا الزمان نرى انشغال الناس عند الفتن بقيل وقال وكثرة السؤال، ومتابعة الإعلام، بل بعضُ من كان معافى من القنوات الفضائية أدخلها إلى بيته بدعوى متابعة آخر الأخبار ومستجدات الساحة!!، وإذا به يبتلى بمتابعة آخر الرقصات والمسلسلات – نسأل الله العفو والعافية –، وربما تردى به الحال إلى القنوات الأخرى!!، وقد قال مُطَرِّف:«نَظرتُ في العافيةِ فوجدتُ فيها خير الدنيا والآخر».

إنّ للكلام في زمان الفتن شهوة وضراوة لا يقاومها إلا من علم وتيقن فضل العبادة في الفتن والهرج وجاهد نفسه على ذلك قال تعالى: â z`ƒÏ%©!$#ur (#rßyg»y_ $uZŠÏù öNåk¨]tƒÏ÷ks]s9 $uZn=ç7ß 4 ¨bÎ)ur ©!$# yìyJs9 tûüÏZÅ¡ósßJø9$# ÇÏÒÈ á [العنكبوت:69]، وقال:
â $tBur !$yg9¤)n=ムžwÎ) tûïÏ%©!$# (#rãŽy9|¹ $tBur !$yg8¤)n=ムžwÎ) rèŒ >eáxm 5OŠÏàtã ÇÌÎÈ á [فصلت:35]، ومن عجيب ما مرَّ من سيرة مُطَرِّف قوله:«لبثتُ في فتنةِ ابنِ الزبير تسعاً أو سبعاً ما أُخبرت فيها بخبر، ولا أستخبرتُ فيها عن خَبَر» إنَّه منهجٌ صارمٌ في ضبط النفس اتباعاً لسنة أبي القاسم @.

تنبيهٌ:

ومما ينبغي التفطن له أنّ الانشغال بتتبع أخبار المسلمين وأحوالهم للدعاء لهم ومساعدتهم ليس من الفضول المرغب عنه، بل هو من المأمور به لمن قدر عليه، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص وأحوالهم ومكانتهم وقدراتهم.

 



 

 

 

 

 

 


أخي....

يا طالبَ الحقِ...ويا مَنْ تجردتْ للكتابِ والسنةِ..ونصحتْ لنفسكَ وأشفقتْ على أمتك!

قرأتَ سيرة عَلَمٍ من أعلام الأمة، ممن قضى حياته في علمٍ وعمل، ونصحٍ وجهاد:

فرأيتَ المنهجَ الصارم المنضبط في إتباع الكتاب والسنة من غير إفراط ولا تفريط.

ورأيتَ كيف التعامل السليم مع الفتن في ضوء الكتاب والسنة الصحيحة وهدي الصحابة، فبان لك أنَّ أسس هذا التعامل تقوم على:

الحذر من الْفِتَنِ واعتزالها.

لزومُ الطاعةِ، وعدمُ مفارقةِ الجماعة.

الكف أولى من الفعل في الفتن.

الإقدام على بصيرةٍ ومعرفةٍ – خاصةً في الفتن –.

الموازنة بين المصالح والمفاسد.

لزومُ الدعاءِ والتعوذ من الفتن.

الانشغال بالعبادة عند الفتن.

– ومع التزام هذه الأسس الصارمة المنضبطة لم تُغْفلْ النصوص المتكاثرة من الكتاب والسنة التي تأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للمسلمين، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة..فهذه الأمور هي سفينة النجاة لهذه الأمة الوسط، والعقلاء يعلمون أنَّ من أعظم أسباب الفتن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية:«وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة، ويسكت آخرون عن الأمر والنهي، فيكون ذلك من ذنوبهم، وينكر عليهم آخرون إنكاراً منهياً عنه، فيكون ذلك من ذنوبهم، فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديماً وحديثاً...ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك، ورأى أنَّ ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها، ومن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها ومن تبعهم من العامة من الفتن هذا أصلها»([236]).

وهذا الأمر والنهي مبنيّ على علمٍ وفقهٍ وبصيرة قال شيخُ الإسلام
ابنُ تيمية: «وهنا يغلط فريقان من الناس: فريق يترك ما يجب من الأمر والنهي... والفريق الثاني: مَنْ يريدُ أنْ يأمرَ وينهي إمَّا بلسانهِ وإمَّا بيدهِ مطلقاً مِنْ غيرِ فقهٍ ولا حلمٍ ولا صَبْرٍ ولا نَظَرٍ في ما يصلحُ من ذلكَ وما لا يصلح، ومَا يُقدرُ عليه وما لا يقدر كما في حديث أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيّ سَأَلْتُ عَنْهَا – أي الآية – رَسُولَ الله @ فَقَالَ:بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ يَعْنِي بِنَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فيأتي بالأمر والنهي معتقداً أنه مطيعٌ في ذلك لله ورسوله، وهو معتد في حدوده، كما نصب كثيرٌ من أهل البدع والأهواء نفسه للأمر والنهي كالخوارج والمعتزلة والرافضة، وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهي والجهاد وغير ذلك، فكان فساده أعظمُ من صلاحه!،ولهذا أمر النبي @ بالصبر على جور الأئمة ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة، وقال: أدوا إليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم..ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة»([237]).

– إنَّهُ منهجٌ معتدلٌ..موافق للعقل والنقل..والفطرة السوية..فيه صلاحُ العباد والبلاد.

– منهجٌ يربي النفس – التي تحب الانتقام والتسلط والثناء والزعامة – على ترك حظوظها طمعاً في ثواب الله...وخوفاً من عقابه قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية:«من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبته نفسه وبغضها، لا بحسب محبة الله ورسوله @، وبغض الله ورسوله @، وهذا من نوع الهوى، فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه
â ô`tBur @|Êr& Ç`£JÏB yìt7¨?$# çm1uqyd ÎŽötóÎ/ Yèd šÆÏiB «!$# 4 á [القصص:50].. ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من المنسوبين إلى العلماء والعُبَّاد يُجعل من أهل الأهواء، كما كان السلف يسمونهم "أهل الأهواء"، وذلك أنّ كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه، والعلم بالدين لا يكون إلاّ بهدى الله الذي بعث به رسوله @.. فالواجبُ على العبد أن ينظر في نفس حبه وبغضه، ومقدار حبه وبغضه؛ هل هو موافق لأمر الله ورسوله @، وهو هدى الله الذي أنزله على رسوله @»([238]).

وقال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية أيضاً:« ومما ينبغي أنْ يُعلمَ أنْ أسباب هذه الفتن تكون مشتركة فيرد على القلوب من الواردات ما يمنعُ القلوب عن معرفة الحق وقصده، ولهذا تكون بمنزلة الجاهلية، والجاهليةُ ليس فيها معرفة الحق ولا قصده، والإسلامُ جاءَ بالعلمِ النافعِ والعمل الصالح بمعرفة الحق وقصده.

فيتفق أنَّ بعضَ الولاة يظلم باستئثارٍ فلا تصبر النفوسُ على ظلمة ولا يمكنها دفع ظلمة إلا بما هو أعظم فساداً منه، ولكن لأجل محبة الإنسان لأخذ حقه ودفع الظلم عنه لا ينظر في الفساد العام الذي يتولد عن فعله، ولهذا قال النبي @:إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض... وكثيرٌ ممن خَرَجَ على ولاة الأمور أو أكثرهم إنما خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه، ولم يصبروا على الاستئثار ثم إنه يكون لولي الأمر ذنوبٌ أخرى فيبقى بغضه لاستئثاره يعظّم تلك السيئات، ويبقى المقاتل له ظانّا أنه يقاتله لئلا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، ومن أعظم ما حركه عليه طلب غرضه إما ولاية وإما مال..فإذا اتفق من هذه الجهة شبهة وشهوة ومن هذه الجهة شهوة وشبهة قامت الفتنة»([239]).

وأختم هذه الجزء بكلام نفيس قاله شيخ الإسلام وهو:« أنَّ عامة الفتن التي وقعت من أعظم أسبابها قلةُ الصبر إذ الفتنة لها سببان: إمّا ضعف العلم، وإمّا ضعف الصبر، فإنّ الجهل والظلم أصل الشر، وفاعل الشر إنما يفعله لجهله بأنّه شر، ولكون نفسه تريده، فبالعلم يزول الجهل، وبالصبر يُحبسُ الهوى والشهوة، فتزول الفتنة» انتهى كلامه([240]) .

 



 

 

 

 

 


الموضوع

الصفحة

مقدمة؛ وفيها:

7

بيان أنَّ للفتن فقهاً لا يعقله إلاّ من استضاء بنور الكتاب والسنة

8

كلامٌ نفيسٌ لابن القيم في أهمية الجمع بين القوة العلمية والقوة
العملية

 

8

بيان أنّ الكتاب والسنة هما المصدران الأصليان اللذان توزن بهما الأعمال والأقوال..ونقلُ كلامٍ في ذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية، وسفيان الثوريّ، وابن القيم

 

 

11

من مقاصد هذا الكتاب

12

بيان أنَّ جمهور المحدثين يتساهلون في باب الترغيب والترهيب والآثار والقصص والحكايات وعند الريبة والشك والمخالفة في حديث أوخبرٍ – إسناداً أو متناً – يطبقون المنهج النقدي الدقيق الذي تميّز به المحدثون دون غيرهم (هامش)

 

 

 

14

أصل معنى الفتنة وألوانها

14

نُبذةٌ تعريفيةٌ بمُطَرِّف بنِ عبدِ الله بن الشخير ومكانته في العلمِ والعملِ

16

اسمه ونسبهُ وكُنيته

16

مولده ووفاته

17

أبرز شيوخه و تلاميذه

18

أحاديثه في الكتب التسعة

20

بيان منهج الإمام البخاريّ في انتقاء الروايات (هامش)

21

ثناءُ العلماءِ عليه وجلالته وعلو قدره

21

مما يدل على مكانته العلمية أنَّ أقواله منثورة في كتب التفسير، والعقيدة، والفقه

 

23

ومما يبين مكانته وجلالته أنَّ الأمراء يسألونه ويأخذون برأيه

24

و كان المُتَمني بالبصرة يتمنى أن يكون له عقل وتصرف مُطَرِّف

24

من فضائله وكرامته

24

دعاءٌٌ مُسْتجابٌ

24

كرامةٌ وَقَعتْ له – وإسنادها صحيح

25

ذكر بعض أقوال مُطَرِّف بن عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ الدالة على رجاحة عقله، وحكيم كلامه

 

27

قصة تدل على أنَّ مُطَرِّف بن عبد الله كان معروفاً بعقله وبصيرته منذُ صغره

31

مُطَرِّف يقترح فكرة جميلة لمن ابتلي بالسؤال

31

وقد ابتلينا في هذا الزمان بجماعات وأحزاب وضعت لنفسها أصولاً وقواعد وأسسا فيها الكثير من التكلف والمخالفة للكتاب والسنة، وإلزام الناس بأمور لم يأمر به الله ولا رسوله @... (هامش)

 

 

32

لفتةٌ: إنّ في أقوال سلفنا الصالح وأفعالهم كنوزاً ثمينة وثرية لو أعطى المعجبون بالنقل عن الغربيين أنفسهم فرصة لقراءتها وتأمل معانيها لاستنبطوا منها أصولاً وقواعد وفنوناً في

 

 

34

منهج مُطَرِّف بن عبد الله في الفتن من خلال سيرته وأقواله

35

فتنة ابن الأشعث:

35

رصد أهم الملحوظات حول فتنة ابنِ الأشعث:

38

(1) أنّ الأئمة والعلماء نصوا على خطأ ابنِ الأشعث ومن معه في الخروج

38

(2) كان لبعض علماء السلف جهودٌ عظيمة في محاولة إطفاء هذه الفتنة ومن أشهر أولئك الحسن البصريّ

 

39

قصة وقعت لشيخنا العلاّمة الزاهد عبد الرحمن البراك مع مجموعة من حدثاء الأسنان، ممن قلّ نصيبهم من العلم، وكثر نصيبهم من الجهل والهوى (هامش)

 

 

41

(3) أنّ من نجا وسلم ممن شارك في هذه الفتنة ندم وتأسف وودّ أن لم يكن شارك فيها

 

43

(4) أنّ من يقرأ في كتب التواريخ وحوادث السنين من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة خمس وتسعين – وهي السنة التي هلك فيها الحجّاج – يتحسر كثيراً إذ لا تخلو من هذه السنوات من قتيلٍ وأسيرٍ للحجّاج بسبب هذه الفتنة

 

 

 

46

(5) أنّ هذه الفتنة تعلمنا أنّ أي قولٍ أو عملٍ مهما كان عامله أو قائله لابدَّ أن يُعرض على الكتاب والسنة فإنْ وافق الكتاب والسنة فذاك، وإن خَالفَ فلا يقبل، وإن لم نجد ما يدل عليه موافقة أو مخالفة استفرغ العالم المجتهدُ وسعه وهو في ذلك بين أجرٍ وأجرين.

 

 

 

49

(6) أنَّ كثيراً ممن خرج على الحَجَّاج كان يكفره.

50

كلامٌ عظيمٌ لشيخ الإسلام ابنِ تيمية عن فتنة ابن الأشعث وعن مفاسد الخروج على السلطان

 

52

أهم سمات منهج مُطَرِّفِ بن عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ في الفتن

55

(1) الحذر من الْفِتَنِ واعتزالها

55

أقوال وأفعال مُطَرِّف الدالة على هذه السمة

55

التعليق: وفيه ذكر النصوص الشرعية الدالة على هذه السمة

56

تنبيهٌ:

62

ومما ينبغي التفطن له: أنَّ اعتزال الفتن لا يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

62

(2) لزومُ الطاعةِ، وعدمُ مفارقةِ الجماعة

64

أقوال وأفعال مُطَرِّف الدالة على هذه السمة

64

التعليق: وفيه ذكر النصوص الشرعية الدالة على هذه السمة

65

(3) الكف أولى من الفعل في الفتن

71

أقوال وأفعال مُطَرِّف الدالة على هذه السمة

71

التعليق: وفيه ذكر النصوص الشرعية الدالة على هذه السمة

71

(4) الإقدام على بصيرةٍ ومعرفةٍ – خاصةً في الفتن –

76

أقوال وأفعال مُطَرِّف الدالة على هذه السمة

76

التعليق: وفيه ذكر النصوص الشرعية الدالة على هذه السمة

77

قلتُ: ومن البصيرة – خاصةً عند الفتن – مراعاة أمور منها:

78

التثبت دائماً وعدم التعجل

78

استشعار مسؤولية الكلمة والتفكير قبل الإجابة

80

كثرة الاستشارة

81

الاستخارة قبل العمل

83

(5) الموازنة بين المصالح والمفاسد

86

(6) لزومُ الدعاءِ والتعوذ من الفتن

97

(7) الانشغال بالعبادة

106

تنبيهٌ:ومما ينبغي التفطن له أنّ الانشغال بتتبع أخبار المسلمين وأحوالهم للدعاء لهم ومساعدتهم ليس من الفضول المرغب عنه، بل هو من المأمور به لمن قدر عليه، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص وأحوالهم ومكانتهم وقدراتهم

 

 

 

108

الخاتمة وفيها:

109

ذكر أسس التعامل مع الفتن

109

أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان أنَّ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم أسباب الفتن، والنقل في ذلك عن شيخ الإسلام ابن تيمية

 

 

110

حظوظ النفس عند الفتن، ونقل كلامٍ عظيمٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك

111

فهرس الموضوعات

114

`

¯         ¯        ¯

 

 

 
 

«والفتنةُ إذَا وقعتْ عَجز العقلاءُ فيها عن دفع السفهاء..وهذا شأنُ الفتن كما قال تعالى: â (#qà)¨?$#ur ZpuZ÷FÏù žw ¨ûtùÅÁè? tûïÏ%©!$# (#qßJn=sß öNä3YÏB Zp¢¹!%s{ ( á  [الأنفال:25]  وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلاّ من عصمه الله». قاله شيخُ الإسلام
ابنُ تيمية في منهاج السنة النبوية (4/343).

«عامة الفتن التي وقعت من أعظم أسبابها قلةُ الصبر إذ الفتنة لها سببان: إمّا ضعف العلم، وإمّا ضعف الصبر، فإنّ الجهل والظلم أصل الشر، وفاعل الشر إنما يفعله لجهله بأنّه شر، ولكون نفسه تريده، فبالعلم يزول الجهل، وبالصبر يُحبسُ الهوى والشهوة، فتزول الفتنة» قاله شيخُ الإسلام ابنُ تيمية كما في الفروع لابن مفلح (10/181).

 

 
«وَمَنْ تَأملَ الأحَاديثَ الصحيحةَ الثابتةَ عَنْ النبي @ في هذا البابِ، واعتبر أيضا اعتبار أولى الأبصار عَلِمَ أنَّ الذي جاءت به النصوصُ النبوية خير الأمور، وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي @ من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأنَّ مَنْ خَالفَ ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد؛ ولهذا أثنى النبي  @ على الحسن بقوله: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ولم يثنِ عَلَى أحدٍ لا بقتال في فتنة ولا بخروجٍ على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة» قاله شيخُ الإسلام ابنُ تيمية في منهاج السنة النبوية (4/530).







 

 


 

 
 

 




  1. ([1]) نُشر هذا المقال في مجلة البيان العدد رقم (191) عام1424.
  2. ([2]) التاريخ الأوسط للبخاريّ (1/64)، وإسناده صحيح.
  3. ([3]) العلل ومعرفة الرجال (3/182)، السنة للخلال (2/466).
  4. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهذا الإسناد من أصح إسناد على وجه الأرض، ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقة ومراسيله من أصح المراسيل» منهاج السنة (6/236)، وانظر للفائدة: أخبار المدينة (2/281)، التمهيد لابن عبدالبر (1/30)، الفروع لابن مفلح (10/172)، البداية والنهاية (7/253).
  5. ([4]) طريق الهجرتين (ص:233).
  6. ([5]) مجموع الفتاوى (7/436).
  7. ([6]) معرفة الثقات (2/282).
  8. ([7]) فتنة ابن الزبير: وهي محاصرة الحجاج عبد الله بن الزبير { وكانت في أواخر سنة ثلاث وسبعين، وكان الحجاج أرسله عبد الملك بن مروان لقتال ابن الزبير، وقُتِلَ عبدالله بن الزبير في آخر تلك السنة.
  9. ([8]) الطبقات الكبرى (7/142).
  10. ([9]) الاستقامة (2/217).
  11. ([10]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/142).
  12. ([11]) إعلام الموقعين (4/170).
  13. ([12]) تفسير ابن كثير(1/29).
  14. ([13]) وربما أصرح بأنَّ هذا الإسناد صحيحٌ لمناسبة تقتضيه، وأنبه أنَّ جمهور المحدثين يتساهلون في باب الترغيب والترهيب والآثار والقصص والحكايات وعند الريبة والشك والمخالفة في حديث أو خبرٍ – إسناداً أو متناً– يطبقون المنهج النقدي الدقيق الذي تميّز به المحدثون دون غيرهم، والذي من خلاله يتم نخل الخبر نخلاً دقيقاً إسناداً ومتناً.
  15. قال عبدُ الرحمن بنُ مهدي:«إذا روينا عن النبي @ في الحلالِ والحرامِ والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال، وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات تساهلنا في الأسانيد»، وممن نقل عنهم ذلك: سفيان بن سعيد الثوري (ت161)، وعبد الله بن المبارك (ت181)، وسفيان بن عيينة (ت198)، ويحيى بن معين (ت233)، وأحمد بن حنبل (241)، وابن خزيمة (ت311)، و الحاكم أبو عبد الله (ت405) وغيرهم كثير، وليس هذا موضع التوسع في تقرير هذه المسألة.
  16. انظر: المستدرك على الصحيحين (1/666)، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/91)، الكفاية في علم الرواية (ص133)، شرح علل الترمذي (1/372)، القول المسدد (ص11).
  17. ([14]) مقاييس اللغة (4/ 472)
  18. ([15]) زاد المعاد (3/170).
  19. ([16]) فتح الباري (11 / 176).
  20. ([17]) ذَكَر المزيُّ أنَّ له في الكتب الستة تسعة أحاديث.انظر: تحفة الأشراف (4/358)، وكذلك إتحاف المهرة لابن حجر (6/688).
  21. ([18]) حديثٌ صحيحٌ، رواه أبو داود (رقم904)، والنسائي (رقم1214)، والترمذي في الشمائل (رقم323)، و أحمد بن حنبل في مسنده (4/25)، وصححه ابن خزيمة (رقم900)، وابن حبان (رقم753)، والحاكم (رقم971)، والضياء (رقم436).
  22. وَالمِرْجَلُ – بكسر الميم وفتح الجيم –: القدر إذا غلت.
  23. والأزيز – بفتح الهمزة بعدها زاي ثم تحتانية ساكنة ثم زاي أيضا –:صوت القدر إذا غلت.
  24. ([19]) سير أعلام النبلاء (4/494).
  25. ([20]) تهذيب الكمال (30/139)، تهذيب التهذيب (11/20)، تقريب التهذيب (ص570).
  26. ([21]) إكمال تهذيب الكمال (11/229).
  27. ([22]) الإصابة (3/478).
  28. ([23]) سير أعلام النبلاء (4/189، 195).
  29. ([24]) تاريخ الإسلام (وفيات41–60: ص:275).
  30. ([25]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم753)، ومسلم في صحيحه (رقم393).قال
  31. ابن حجر:«وفيه إشارة إلى أن التكبير الذي ذكره كان قد ترك » فتح الباري (2/270).
  32. ([26]) أي: تسلم عليه الملائكة.
  33. ([27]) أخرجه: مسلم في صحيحه (رقم1226).
  34. ([28]) أخرجه: مسلم في صحيحه (رقم2738).
  35. ([29]) أخرجه: البخاريُّ في الأدب المفرد (رقم885) وإسناده صحيح.
  36. ([30]) وللبخاريّ عند تخريج الحديث نظرات عديدة أبرزها:
  37. 1 – نظرة في شيوخ الراوي.
  38. 2 – نظرة في تلاميذ الراوي.
  39. 3 – نظرةٌ في متن الحديث المراد تخريجه.
  40. وله في كل ذلك نكت حديثية دقيقة بديعة!، ومن هنا يُعلم أنّ وصفَ حديثٍ ما بأنه على شرط الشيخين أو شرط البخاري أو مسلم أمرٌ في غاية الصعوبة، وقد قال ابن الأخرم – وهو من كبار الحفاظ –:« قلَّ ما يفوت البخاري ومسلم حديث على شرطهما»، وقال
  41. ابنُ حجر:«وقرأتُ بخط بعض الأئمة أنه رأى بخط عبد الله بن زيادن المسكي قال: أملى على الحافظ أبومحمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي سنة خمس وتسعين وخمسمائة قال:نظرت إلى وقت إملائي عليك هذا الكلام فلم أجد حديثاً على شرط البخاري ومسلم لم يخرجاه إلا أحاديث:
  42. 1– حديث أنس"يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة".
  43. 2– وحديث الحجاج بن علاط لما أسلم.
  44. 3– وحديث علي "لا يؤمن العبد حتى يؤمن بأربع"» النكت لابن حجر (1/313). ولابن عبدالبر كلامٌ نحو هذا.
  45. ([31]) الطبقات الكبرى (7/142).
  46. ([32]) مشاهير علماء الأمصار (ص:88).
  47. ([33]) الاعتقاد (ص:311).
  48. ([34]) الاستذكار (3/278).
  49. ([35]) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان (5/211).
  50. ([36]) تذكرة الحفاظ (1/64).
  51. ([37]) سير أعلام النبلاء (4/187).
  52. ([38]) الكاشف (2/269).
  53. ([39]) العبر في خبر من غبر (1/ص113).
  54. ([40]) البداية والنهاية (9/69).
  55. ([41]) انظر: تفسير الصنعاني (3/179، 243)، تفسير ابن أبي حاتم (6/2028، 9/3076) وكذلك في الدر المنثور للسيوطيّ، وتفسير ابن كثير نقول عديدة عنه لم أنشط لذكرها.
  56. ([42]) أخرجه ابنُ أبي حاتم في تفسيره، وساق إسناد ابن أبي حاتم ابن كثير في تفسيره.
  57. ([43]) تفسير ابن كثير (1/529).
  58. ([44]) مجموع الفتاوى (4/6). وانظر: ذم التأويل (ص24)، التمهيد لابن عبد البر (7/146).
  59. ([45]) تهذيب الآثار (ص564).
  60. ([46]) هو: العلاء بن زياد بن مطر العدوى أبو نصر من أفاضل أهل البصرة وعبادهم ممن يصبر على السهر الطويل والتهجد الكثير، مات في آخر ولاية الحجاج سنة أربع وتسعين. مشاهير علماء الأمصار (ص90).
  61. ([47]) المعرفة والتاريخ (2/37).
  62. ([48]) قال ابن حجر:«وروينا في كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا بسند جيد عن حميد بن هلال..» الإصابة في تمييز الصحابة (6 /261).، ورواها أبو القاسم اللالكائي في كتابه «كرامات الأولياء» (ص69) في فصلٍ عقده بعنوان" سياق ما روي من كرامات مُطَرِّف بن عبد الله بن الشخير >".قلتُ: وللقصة أسانيد أخرى تدل على ثبوتها لا نطيل بذكرها إذ أنّ هذا ليس من مقصود البحث.
  63. ([49]) الجامع (11/281رقم20543).
  64. ([50]) مصنف ابن أبي شيبة (7/179).
  65. ([51]) وهذا الإسناد في غاية الصحة.
  66. ([52]) (ص211رقم176).
  67. ([53]) الاعتقاد (ص:311).
  68. ([54]) سير أعلام النبلاء (4/193).
  69. ([55]) هذه الأقوال منثورة في عشرات الكتب لذا لم أنشط لتوثيقها خشية الإطالة.
  70. ([56]) ولعظيم هذا الكلام أخطأ بعضُ الرواة ورفعه للنبي @ قال البرقانيُّ:«سُئل –الدارقطنيّ– عن حديث مصعب بن سعد عن سعد عن النبي @ قال: فضل العلم خير من فضل العبادة وخير دينكم الورع فقال: يرويه الأعمش واختلف عنه – ثم ساق الدارقطنيُّ خلافاً طويلاً ثم قال– وليس يثبت من هذه الأسانيد شيء، وإنما يروى هذا عن مُطَرِّف بن عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ من قوله». العلل الواردة في الأحاديث النبوية (4/318). وقال البرقانيُّ أيضاً:«سُئل –الدارقطنيّ– عن حديثِ أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي @ قال: فضل العلم خير من= =فضل العبادة وخير دينكم الورع فقال: يرويه الأعمش واختلف عنه – ثم ساق الدارقطنيُّ خلافاً طويلاً ثم قال– والصحيح أنه من قول مُطَرِّف الشِّخِّيرِ». العلل الواردة في الأحاديث النبوية (10/145).
  71. وقد نصَّ أنه من كلام مُطَرِّف جمع من نقاد الحديث منهم: البزارُ وأبو نُعيم والبيهقيّ
  72. وابنُ الجوزيّ وغيرهم.
  73. ([57]) علق عليها الذهبيُّ بقوله:«قلتُ: لا أفلح والله من زكى نفسه أو اعجبته». سير أعلام النبلاء (4/190).
  74. ([58]) حلية الأولياء (2/204).
  75. ([59]) أي لا تحدث بالحديث من لا يريده. انظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/328).
  76. ([60]) حلية الأولياء (2/212).
  77. ([61]) حلية الأولياء (2/198).
  78. ([62]) هو:ابن أبي صفرة.
  79. ([63]) أي: قذرة أو متفرقة فمذرة تأتي على المعنيين. انظر: لسان العرب (5/164).
  80. ([64]) حلية الأولياء (2/384).
  81. ([65]) المجالسة للدينوري (رقم2585).
  82. ([66]) المجالسة للدينوري (رقم796).
  83. ([67]) كتاب العلم لأبي خيثمة (ص25).
  84. ([68]) روضة العقلاء (ص146)، حلية الأولياء (2/210)، شعب الإيمان (3/276،7/447).
  85. قلتُ: لاشك أنَّ من أصعب الأمور وأشقها على أصحاب النفوس العزيزة سؤالَ الرجالِ –خاصةً سؤال المال–، ولا يكاد أصحاب النفوس العزيزة يسألون إلاّ من ضيق شديد وحاجة ماسة، فإذا سألوا ثم قوبلوا بالرفض والمنع فلا تسأل عن حالهم!!، ولذا كانت فكرة مُطَرِّف جميلةٌ وفيها حفظُ ماءِ الوجه للطرفين، وأنا أقترح إذا ابتلي أحدٌ بمصيبة السؤال– في هذا الزمان– أنْ يستخدم الجوال فيرسل رسالة لمن يريد فإن كان الآخر مستطيعٌ فسوف يردّ وإلاّ غَفَلَ!.
  86. ([69]) هو: العبدي الكوفيّ، قال الذهبيُّ:« كان من العلماء العباد، ذكروه في كتب معرفة الصحابة ولا صحبة له؛ لكنه أسلم في حياة النبي @ وسمع من عمر وعلي وسلمان». سير أعلام النبلاء (3/525).
  87. ([70]) حلية الأولياء (2/204)، تاريخ مدينة دمشق (58/313) سير أعلام النبلاء (4/192).
  88. قلتُ: وقد ابتلينا في هذا الزمان بجماعات وأحزاب وضعت لنفسها أصولاً وقواعد وأسسا فيها الكثير من التكلف والمخالفة للكتاب والسنة، وإلزام الناس بأمور لم يأمر الله به ولا رسوله @، فجديرٌ بالجماعات والأحزاب الإسلامية أن تستفيد من هذه القصة الجميلة والتي فيها تعظيم الكتاب والسنة، والاكتفاء بهما، ففيهما الخير والهدى والرشاد.
  89. قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية:«وَلَيْسَ لِلْمُعَلِّمِينَ أَنْ يحزبوا النَّاسَ وَيَفْعَلُوا مَا يُلْقِي بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ بَلْ يَكُونُونَ مِثْلَ الإِخْوَةِ الْمُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: â (#qçRur$yès?ur ’n?tã ÎhŽÉ9ø9$# 3“uqø)­G9$#ur ( Ÿwur (#qçRur$yès? ’n?tã ÉOøOM}$# Èb¨urô‰ãèø9$#ur 4 á [المائدة:2]. وَلَيْسَ لأَحَدِ مِنْهُمْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَحَدٍ عَهْدًا بِمُوَافَقَتِهِ عَلَى كُلِّ مَا يُرِيدُهُ؛ وَمُوَالاةِ مَنْ يُوَالِيهِ؛ وَمُعَادَاةِ مَنْ يُعَادِيهِ بَلْ مَنْ فَعَلَ هَذَا كَانَ مَنْ جِنْسِ جنكيزخان وَأَمْثَالِهِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَنْ وَافَقَهُمْ صَدِيقًا مُوَالِيًا وَمَنْ خَالَفَهُمْ عَدُوًّا بَاغِيًا؛ بَلْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَتْبَاعِهِمْ عَهْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ وَيَفْعَلُوا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ؛ وَيُحَرِّمُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.. » مجموع الفتاوى (28/15).
  90. ومِنْ رَوائعِ كلامِ أبي زُرْعةَ الرازيّ مَا نقلهُ البَرذعيُّ قَالَ:شَهدتُ أبَا زُرْعةَ – وَسُئلَ عَنْ الحارثِ المُحَاسِبيّ وَكُتُبِهِ – فَقَالَ لِلسائلِ: إيّاكَ وَهذهِ الكُتُب!، هذِهِ كُتُبُ بِدعٍ وَضَلالات، عَليكَ بالأثرِ فَإنّكَ تجدُ فيهِ مَا يُغْنيكَ عَنْ هذِهِ الكُتُب.
  91. قيلَ لَهُ: في هذِهِ الكُتُب عِبْرةٌ؟ =
  92. =قَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ في كتابِ اللهِ عِبْرة فَليسَ لَهُ في هذِهِ الكُتُب عِبْرةٌ، بَلَغَكُمْ أنَّ مَالكَ بنَ أنس، وَسُفيانَ الثّوريّ، وَالأوزاعيّ، وَالأئمةَ المُتقدّمينَ صَنّفوا هذهِ الكُتُب في الخَطَراتِ وَالوَسَاوس، وَهذهِ الأشياء، هؤلاء قومٌ خَالفوا أهلَ العلمِ، يأتونا مَرةً بالحارثِ المُحَاسِبيّ، ومَرةً بعبدالرّحيم الدَّيبلي، ومَرةً بحَاتم الأصمّ، وَمَرةً بشقيق ثم قَالَ: مَا أَسْرعَ النَّاسَ إلى البِدّعِ!.
  93. سؤالات البرذعي (2/575)، تاريخ بغداد (8/215)، ميزان الاعتدال (2/165).
  94. قلتُ: فإذا كَانَ أبو زُرْعةَ يقولُ هذا وهو مِنْ أهلِ القرنِ الثالثِ، فماذا تُرانا نقول ونحن نعيش في القرن الخامس عشر!، رُحماكَ ربِّ.
  95. قالَ الذّهبيّ:« هَكَذا كَانَ أئمة السّلف لا يرونَ الدّخولَ في الكَلامِ ولا الجِدَال، بلْ يستفرغون وُسعهم في الكتاب والسنة، والتفقه فيهما، ويتبعون ولا يتنطعون ». سير أعلام النبلاء (12/119).
  96. ([71]) تاريخ مدينة دمشق (58/130).
  97. ([72]) (58/317).
  98. ([73]) (12/400).
  99. ([74]) ومنهم أنس بن مالك فقد توهم الحجاج أنَّ له مداخلة فتنة ابن الأشعث، وأنه أفتى فيه، فختمه الحجاج في يده هذا عتيق الحجاج، قال ابنُ حبان في الثقات (4/40) حدثنا أحمد بن= =الحسين بن عبد الجبار قال:حدثنا الهيثم بن خارجة قال: حدثنا عبد الله بن سالم الأشعري عن أزهر بن عبد الله قال: كنتُ في الخيل الذين سبوا أنس بن مالك، وكان فيمن يؤلب على الحجاج وكان مع عبد الرحمن بن الأشعث فَوَسَمَ في يدهِ "عتيق الحجاج" فقال: لولا أنك خدمتَ رسول الله @ لضربتُ عنقك!. وانظر: تاريخ مدينة دمشق (9/372)، البداية والنهاية (12/447).
  100. ([75]) انظر ترجمته: تاريخ الإسلام (وفيات سنة 84 ص129)، وسير أعلام النبلاء (4/183) –وبقية المراجع تراجع في هوامش الكتابين حيث أحال عليها المحققون جزاهم الله خيراً–.
  101. ([76]) هو: الحجاج بن يوسف الثقفيّ، قال الذهبيُّ:«أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلاً، وَكَانَ ظَلُوْماً، جَبَّاراً، نَاصِبِيّاً، خَبِيْثاً، سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ، وَإِقْدَامٍ، وَمَكْرٍ، وَدَهَاءٍ، وَفَصَاحَةٍ، وَبَلاَغَةٍ، وَتعَظِيْمٍ لِلْقُرَآنِ، قد سقتُ من سوءِ سيرته في تاريخي الكبير وحصاره لابن الزبير بالكعبة ورمية إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له، وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله، فَنَسبهُ وَلا نحبه، بل نبغضه في الله، فإنَّ ذلك من أوثق عرى الإيمان، وَلَهُ حَسَنَاتٌ مَغْمُوْرَةٌ فِي بَحْرِ ذُنُوْبِهِ، وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، وَلَهُ تَوْحِيْدٌ فِي الجُمْلَةِ، وَنُظَرَاءُ مِنْ ظَلَمَةِ الجَبَابِرَةِ وَالأُمَرَاءِ» سير أعلام النبلاء (4/343).
  102. ومن إنصاف أهل السنة وعدلهم في هذا الباب قول أبي جعفر:سمع محمد بن سيرين رجلاً يسب الحجاج فقال ابن سيرين: إنَّ الله حكمٌ عدلٌ يأخذ للحجاج ممن ظلمه كما يأخذ لمن ظلم من الحجاج. مصنف ابن أبي شيبة (6/191).
  103. ([77]) قال الذهبيُّ:«قلتُ: خَرَجَ القراء وهم أهل القرآن والصلاح بالعراق على الحجاج لظلمه وتأخيره الصلاة في الحضر وكان ذلك مذهبا واهيا لبني أمية كما أخبر النبي @:يكون عليكم أمراء يميتون الصلاة » سير أعلام النبلاء (4/306). =
  104. =والحديث الذي ذكره الذهبيُّ أخرجه: مسلمٌ في صحيحه (رقم648) ولفظه: عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ قَالَ: قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: صَلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ.
  105. قال النوويُّ:«فيه دليل من دلائل النبوة وقد وقع هذا في زمن بني أمية » شرح النووي على صحيح مسلم (5/148).
  106. ([78]) تاريخ خليفة بن خياط (ص287).
  107. ([79]) سير أعلام النبلاء (4/183).
  108. ([80]) سير أعلام النبلاء (2/43).
  109. ([81]) تاريخ خليفة بن خياط (ص286).
  110. ([82]) البداية والنهاية (12/347).
  111. ([83]) يقصد ابن الأشعث.
  112. ([84]) البداية والنهاية (12/355).
  113. ([85]) وفي النية – إنْ شاء الله تعالى – أن أفرد جزءاً أبين فيه منهج الحسن البصريّ في الفتن على غرار هذا الجزء.
  114. ([86]) الطبقات الكبرى (7/142)، حلية الأولياء (2/204)، تاريخ مدينة دمشق (58/314)، سير أعلام النبلاء (4/192)، والسنن هنا: الطريق.
  115. ([87]) منهاج السنة النبوية (4/343).
  116. ([88]) مصنف ابن أبي شيبة (7/488)، العلل ومعرفة الرجال (2/390رقم2739)، المعرفة والتاريخ (2/21).
  117. ([89]) قال البزار:«كان من أجلة أهل البصرة »، وقال ثابت: ما كان أحد من الناس أحب إلي من أن ألقى الله في مسلاخه إلا عقبة بن عبد الغافر فلما وقعت الفتنة أتيناه فقال: ما أعرفكم. المعرفة والتاريخ (2/58)، تهذيب التهذيب (7/218).
  118. ([90]) هو: أوس بن عبد الله الربعي البصري من كبار العلماء العباد. سير أعلام النبلاء (4/371).
  119. ([91]) عبد الله بن غالب الحُدّاني – بضم المهملة وتشديد الدال – قال ابن حبان:«من أهل البصرة،= =وكان من عباد أهل البصرة بايع بن الأشعث وقاتل معه حتى قتل في الجماجم سنة ثلاث وثمانين فكانوا يجدون من قبر ريح المسك » وقال البخاريُّ: حدثني بشر بن يوسف قال حدثنا نوح بن قيس قال حدثنا عطاء السلمي – وأثنى عليه خيرا – قال: رأيتُ عبد الله بن غالب أقبل هو وأصحابه في الثياب البيض متحنطين حتى أتى ابن الأشعث – وهو علي منبره – فقال: علام نبايعك؟ قال: على كتاب الله وسنة نبيه @ قال: ابسط يدك فبايعه، ثم نزل فقاتل حتى قتل، فجعل يوجد من تراب قبره ريح المسك. التاريخ الأوسط (1/180)، الثقات (5/20) تقريب التهذيب (رقم3526).
  120. ([92]) كثيراً ما يستعمل الخوارج وأصحاب الأهواء أسلوب التهميش للعلماء والتنقص لهم، والتقليل من مكانتهم فإذا رأوا "شيخاً" ثنى ركبتيه للدرس، ولم يجدوا عليه أي ملحظ قالوا: مداهن!، لا ينكر...الخ.
  121. وأذكرُ أنّ مجموعةً – حدثاء الأسنان، ممن قلّ نصيبهم من العلم، وكثر نصيبهم من الجهل والهوى – صَلَّتْ مرةً مع شيخنا العلاّمة الزاهد عبد الرحمن البراك فتكلموا عن المنكرات وكثرتها..، فلمَّا انتهوا قال لهم شيخنا: هل انتهيتم..هل هناك أحدٌ يريد أن يتكلم..تفضلوا..فقالوا: انتهينا، هناك تكلم شيخنا بكلامٍ علمي مؤصل عن فقه إنكار المنكر، فيه ربطٌ للمسلم بالكتاب والسنة وهدي سلف الأمة،..، وقد أثّرت الكلمة بالحاضرين ممن تجرد لطلب الحق، فلمّا انتهى شيخنا، قال واحدٌ من أولئك الشباب – هداهم الله وفتح على قلوبهم –: هذا الكلام الذي قلته تعرفه العجائز في البيوت!! إن كنت عالماً حقاً فاكتب خطاباً= =تؤيد فيه مطالبنا؟؟! فقلتُ للأخ – وكنتُ حاضراً وشاهداً على جميع ما جرى –: يا أخي إذن جعلتَ نفسك الكتابَ والسنةَ فمن وافقك فهو العالم حقاً، ومن خالفك فهو عالم سوء؟!.
  122. وقد سمعتُ أنَّ بعض هؤلاء الشباب قُتلوا في الأحداث الأخيرة في بلادنا.
  123. ذكرتُ هذا الموقف لله ثم للحقيقة والتاريخ، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ.
  124. ([93]) الطبقات الكبرى (7/163)، تاريخ مدينة دمشق (12/177). رحم الله عقبة وعفا عنه فقد كان من العلماء الصلحاء.
  125. ([94]) سعيد هذا أخو الحسن البصريّ.
  126. ([95]) تاريخ مدينة دمشق (12/177).
  127. ([96]) الطبقات الكبرى (7/164).
  128. ([97]) الطبقات الكبرى (7/164).
  129. ([98]) من كبار أئمة البصرة وعبادها.
  130. ([99]) أخرجها: ابن سعد في الطبقات الكبرى (7/187)، ويعقوب الفسويّ في المعرفة والتاريخ (2/52) كلاهما قال: أخبرنا سليمان بن حرب،و خليفة بن خياط في تاريخه(ص:287) قال:حدثني عبد الرحمن. كلاهما عن حماد بن زيد عن أيوب....
  131. قلتُ: تأمل هذه الكلمة من هذا الإمام الربانيّ.
  132. ([100]) هو:زبيد بن الحارث اليامي.
  133. ([101]) تصحف في عددٍ من المراجع إلى (عتبة)، والصواب (عقبة).
  134. ([102]) سؤالات أبي عبيد الآجري (رقم96)، المعرفة والتاريخ (3/109)، تاريخ مدينة دمشق (19/473)، سير أعلام النبلاء (5/297).
  135. ([103]) تاريخ مدينة دمشق (59/325).
  136. ([104]) إسنادها صحيح، أخرجها: البخاريّ التاريخ الكبير (2/302رقم2544)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (58/146).
  137. ([105]) المعرفة والتاريخ (2/51) ومعنى " فأرسلَ مسلمٌ عينيه" أي: بكى.
  138. ([106]) مصنف ابن أبي شيبة (6/187)، تاريخ دمشق (58/146).
  139. ([107]) «تاريخ خليفة بن خياط» (ص288)،« المعرفة والتاريخ» (2/344)، «سير أعلام النبلاء» (4/306).
  140. ([108]) «تاريخ الطبري» (3/646)، «وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان» (2/38).
  141. ([109]) «مصنف ابن أبي شيبة» (6/206).
  142. ([110]) قال المثنى بنُ سعيد: أدركتُ عِمرانَ بنَ عصام الضبعي يختم القرآن في مسجد بني ضبيعة في كل ثلاث يؤمهم. كتاب «الصيام» للفريابي (ص:136)، «تاريخ مدينة دمشق» (43/516)،وقال عبدُ الرحمن – صاحب السقاية –: دعا الحجاجُ أنساً > فلم يكلفه ما يكلف الناس غير أنه شتمه فسمعتُ أنسا يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم دعاني فقلتُ: لم أنكث بيعتي..وجيء بعمران بن عصام – وكان يُذَكّر وربما سمعته يقول: اللهم اغفر لنا حتى يبكي – فقتله!. «التاريخ الكبير» (6/417رقم2835)، «تاريخ مدينة دمشق» (43/514).
  143. ~ وغفر له، وعامل الله الحجّاج بما يستحق!!.
  144. ([111]) البداية والنهاية (12/347).
  145. ([112]) منهاج السنة النبوية (4/528).
  146. ([113]) منهاج السنة النبوية (4/543).
  147. ([114]) أخرجه: ابنُ أبي شيبةَ في "الإيمان (97)، واللالكائي في "الاعتقاد" (1823)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/ 187). وإسناده صحيحٌ.
  148. ([115]) التمهيد (10/ 10).
  149. ([116]) تهذيب التهذيب (2/185)، وانظر: التمهيد لابن عبد البر (12/262).
  150. قلتُ: وأعدلُ الأقوالِ في الحجاج قول الذهبيّ المتقدم في ص 24، والله أعلم.
  151. ([117]) فهل يعي هذا الدرس أولئك الذين يخرجون على السلاطين من غير تحسب للعدة والقدرة والعصبية!، ومما يعجب منه كل ذي عقل ما وقع في بعض البلدان الإسلامية المجاورة من قيام بعض الشباب – ربما لا يتجاوز عددهم الخمسين – من خروج الحاكم والاعتصام بأحد= =الجبال، وإعلان التمرد، فكان أن قضت عليهم الدولة في يوم أو يومين؟! أين العلم الشرعيّ والموازنة بين المصالح والمفاسد، بل أين عقولهم!!. وانظر كلاماً جميلاً في هذا المعنى في كتاب "الطريقة إلى المدينة:مقدمات في فقه السيرة" لمحمد العبدة (ص79–82).
  152. ([118]) نُكتةٌ علميةٌ حديثيةٌ: هذه الفتنة العمياء استفاد منها المحدثون في تحديد التواريخ من ذلك: سماع الرواة بعضهم من بعض!، قال علي بن المديني:«عوف سمع من الحسن من قبل فتنة ابن الأشعث» المعرفة والتاريخ(2/33).
  153. ([119]) منهاج السنة النبوية (4/527).
  154. ([120]) تقدم توثيق هذا الخبر والتعليق عليه انظر: ص من هذا الكتاب.
  155. ملحوظة: جميع النصوص في هذه الفقرة خرجها ابن سعد في الطبقات، وأبو نعيم في الحلية، وذكرها الذهبيّ في السير.
  156. ([121]) كناية عن الملازمة الشديدة للبيت.
  157. ([122]) الطبقات الكبرى (7/142).
  158. ([123]) قال ابن حجر:«قوله: "من تشرف لها" – بفتح المثناة والمعجمة وتشديد الراء – أي: تطلع لها؛ بأنْ يتصدى ويتعرض لها ولا يعرض عنها..قوله:"تستشرفه" أي: تهلكه بأن يشرف منها على الهلاك..يريد من انتصب لها انتصبت له ومن أعرض عنها أعرضت عنه..،وفيه: التحذيرُ من الفتنة والحث على اجتناب الدخول فيها وأنَّ شرها يكون بحسب التعلق بها » فتح الباري (13/31).
  159. ([124]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم3406)، مسلم في صحيحه (رقم2886).
  160. ([125]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم6677).
  161. ([126]) أخرجه: مسلم في صحيحه (رقم2887).
  162. ([127]) قال ابنُ حجر:«قوله:"بابُ التَّعَرُّبِ فِي الْفِتْنَةِ "بالعين المهملة والراء الثقيلة أي: السكنى مع الأعراب – بفتح الألف – وهو: أن ينتقل المهاجر من البلد التي هاجر منها فيسكن البدو فيرجع بعد هجرته أعرابياً، وكان إذ ذاك محرما إلا إن أذن له الشارع في ذلك، وقيده بالفتنة إشارة إلى ما ورد من الإذن في ذلك عند حلول الفتن » فتح الباري (13/41).
  163. ([128]) قال ابنُ حجر:«قوله:"عن سلمة بن الأكوع أنه دخل على الحجاج" هو: ابن يوسف الثقفي الأمير المشهور، وَكَانَ ذلكَ لما ولي الحجاج إمرة الحجاز بعد قتل ابن الزبير فسار من مكة إلى المدينة وذلك في سنة أربع وسبعين» فتح الباري (13/41).
  164. ([129]) انظر إلى جفاء الحجاج حيثُ خاطب هذا الصحابي الجليل بهذا الخطاب القبيح!!، ويقال: إنه أراد قتله.
  165. ([130]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم6676)، ومسلم في صحيحه (رقم1862).
  166. ([131]) أخرجه: مسلم في صحيحه (رقم118).
  167. ([132]) أخرجه: أبو داود في سننه (رقم4319)، وأحمد في مسنده (4/431)، و الروياني في مسنده (رقم133)، والطبراني في المعجم الكبير (18/220رقم550) والحاكم في المستدرك (4/576)، وإسناده صحيح.
  168. ([133]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم6674).
  169. ([134]) هو بالواو والذال المعجمة والفاء قال أبو عبيد: معناه يسرع وقال أبو عمر: معناه يتبختر. قاله النوويُّ في شرح النووي على صحيح مسلم (16/99).
  170. ([135]) أخرجه: مسلم في صحيحه (رقم2545).
  171. ([136]) العزلة (ص:15).
  172. ([137]) الجامع لمعمر بن راشد (11/366).
  173. ([138]) وكان خلف يقول:« ينبغي للناس أن يتعلموا هذه الأبيات في الفتنة » السنن المأثورة للشافعيّ (ص344رقم423).
  174. ([139]) والكلام في مسائل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والنصح للمسلمين، والولاء والبراء والجهاد أصبح في هذا الزمان من أهم المهمات وأفضل الجهاد لأمرين:
  175. الأوَّل: أننا نرى محاولات عالمية جادّة لطمس معالم الإسلام في المسائل المتقدمة، وتصويرها بصورة الإرهاب والمنافاة لحقوق الإنسان، وحرية الرأي، واحترام الآخر – زعموا!! –.
  176. الثاني: عدم فهم بعض أبناء المسلمين للمسائل المتقدمة وعدم تصورها التصور الصحيح الموافق للكتاب والسنة الصحيحة – لا الموافق للهوى والشهوة والحزب والجماعة – مما ترتب عليه مفاسد عظيمة في الدين والدنيا.
  177. ([140]) الحديث صحيح، وقد ورد عن عدد من الصحابة، منهم: أبو سعيد الخدري، وأبو أمامة، وطارق بن شهاب، وجابر بن عبد الله وسمرة بن جندب، وعمير بن قتادة الليثي، ومرسل الزهريّ، وأقوى هذه الأحاديث إسناداً حديث طارق بن شهاب: أخرجه: النسائيُّ (المجتبى) (7/161)، و أحمد في المسند (4/315)، والضياء في المختارة (8/110رقم122)، قال المنذريُّ في الترغيب والترهيب (3/158):«رواه النسائيُّ بإسنادٍ صحيحٍ »، وكذلك قال النوويُّ في رياض الصالحين (ص69).
  178. قال الخطّابيُّ (ت388):«إنما كان هذا أفضل الجهاد لأنَّ مَنْ جَاهد العدو كان على أملٍ من الظفر بعدوه ولا يتيقن العجز عنه؛ لأنه لا يعلم يقينا أنه مغلوب، وهذا يعلم أنَّ يد سلطانه أقوى من يده فصارت المثوبة فيه على قدر عظيم المؤونة، قال أبو سليمان – هو الخطابيّ –: ليتَ شعري من الذي يدخل إليهم اليوم فلا يصدقهم على كذبهم، ومن الذي يتكلم بالعدل إذا شهد مجالسهم، ومن الذي ينصح، ومن الذي ينتصح منهم، إن أسلم لك يا أخي في هذا الزمان وأحوط لدينك أن تقل من مخالطتهم وغشيان أبوابهم ونسأل الله الغني عنهم والتوفيق لهم».
  179. وقال السِّندي:«جهاد قلَّ من ينجو فيه، وقلَّ من يصوِّب صاحبه؛ بل الكل يخطِّئونه أولاً، ثم يؤدي إلى الموت بأشد طريق عندهم؛ بلا قتال؛ بل صبرًا ».حاشية السندي على النسائيّ (7/161).
  180. ([141]) الطبقات الكبرى(7/143)،مسند الروياني (1/124)، تاريخ مدينة دمشق (1/267). وانظر: مصنف ابن أبي شيبة (7/180)،الزهد لابن حنبل (ص245)،مسند أبي عوانة (4/509).
  181. والحديثُ المرفوعُ في صحيحِ مسلم (رقم 1920 وما بعده) من حَديثِ ثوبان، وجابر بن عبدالله، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم.
  182. ([142]) الطبقات الكبرى (7/142)، حلية الأولياء (2/208).
  183. ([143]) تاريخ مدينة دمشق (58/314).
  184. ([144]) عِمِّيَّة – بضم العين وكسرها لغتان مشهورتان والميم مكسورة مشددة والياء مشددة أيضا – قالوا: هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور قال إسحاق بن راهوية: هذا كتقاتل القوم للعصبية. شرح النووي على صحيح مسلم (12/238).
  185. ([145]) أخرجه: مسلمٌ في صحيحه (رقم1848).
  186. ([146]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم6646)، ومسلمٌ في صحيحه (رقم1849).
  187. ([147]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم6673).
  188. ([148]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم6644).
  189. ([149]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم6647)، ومسلمٌ في صحيحه (رقم1709).
  190. ([150]) أخرجه: مسلمٌ في صحيحه (رقم1855).
  191. ([151]) أخرجه: مسلمٌ في صحيحه (رقم1854).
  192. ([152]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم7068).
  193. ([153]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم3268)، ومسلمٌ في صحيحه (رقم1842).
  194. ([154]) أخرجه: مسلمٌ في صحيحه (رقم1846).
  195. ([155]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم663).
  196. ([156]) وهو نجدة بن عامر الحنفي الحروري الخارجي من رؤوس الخوارج، قتل سنة سبعين. تهذيب الأسماء (2/425)، لسان الميزان (6/148).
  197. ([157]) يقصد الحجاج، وعندي أنّ هذه العبارة منتقدة، ولو قال (من أفسق..) لكان أولى، لأنَّ
  198. الجزم بأنَّ فلاناً أفسق الناس أو البرية مطلقاً لا يعلمه إلاّ الله، وسيأتي قول سعيد بن المسيب:«إنا لنصلي خلف من هو شر منه»، والحجاج له سيئات وحسنات كما تقدم في كلام الذهبيّ.
  199. ([158]) هو: ابن حزم.
  200. ([159]) المحلى (4/213).
  201. ([160]) كتاب الزهد الكبير للبيهقي(2/316رقم847)، تاريخ مدينة دمشق(58/315)،سير أعلام النبلاء (4/190).
  202. ([161]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم 6672)، ومسلمٌ في صحيحه (رقم2888).
  203. ([162]) هما: نافع بن الأزرق والثاني يحتمل أن يفسر بالعلاء بن عرار. مقدمة فتح الباري (ص:310).
  204. ([163]) أخرجه: البخاريُّ في صحيحه (رقم4243).
  205. ([164]) أخرجه:أبو داود (4/97رقم4249)، وأحمد في المسند (2/441)، ورجاله ثقات، وقد اختلف في الحديث رفعاً ووقفاً، ورواية الرفع قوية، والنصوص قبله – والتي في معناه – تقوي الحديث.
  206. ([165]) الجامع لمعمر بن راشد (11/357رقم20736)، الفتن لنعيم بن حماد (ص:167)، الطبقات الكبرى (3/143)، المعجم الكبير (1/144رقم322)، العزلة للخطابيّ (ص13)، المستدرك (4/491)، حلية الأولياء (1/94)، تاريخ مدينة دمشق (20/356، 39/496). وقال الحاكم:«حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »،وقال الهيثميُّ:«رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح » مجمع الزوائد (7/299).
  207. ([166]) هو: مروان بن الحكم.
  208. ([167]) أيمن له صحبة،و روى عن النبي @ حديثين – اختلف في أحدهما – وروى عن أبيه وعمه سبرة بن فاتك وكانا صحابيين وكان شاعراً. انظر ترجمةً له مطولة في تاريخ مدينة دمشق (10/37).
  209. ([168]) أخرجه: أبو يعلى في مسنده (2/245)، والطبرانيّ المعجم الكبير (1/290رقم851) وغيرهما، وإسناده صحيحٌ.
  210. ([169]) (4/103).
  211. ([170]) (ص118).
  212. ([171]) الطبقات الكبرى (7/143)، تاريخ مدينة دمشق (58/315).
  213. ([172]) مصنف ابن أبي شيبة (7/178)، حلية الأولياء (2/199)، تاريخ مدينة دمشق (58/315). وفي لسان العرب (5/14):«وفي حديث مُطَرِّف إنّ لي نفساً واحدة وإني أكره أن أغرر بها أي: أحملها على غير ثقة »،وانظر: النهاية في غريب الأثر (3/356).
  214. ([173]) مصنف ابن أبي شيبة (7/178).
  215. ([174]) هو:محمد بن عبد الوهاب الفراء راوي هذا الخبر، وهو راوية علي بن عثام.
  216. ([175]) قال الذهبيّ:«الإمامُ الحافظُ القدوةُ شيخُ الإسلام،..وكان من أفصح الناس، توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين » سير أعلام النبلاء (10/569).
  217. ([176]) يقصدُ بالحديثِ: كلامَ مُطَرِّف، وإطلاقُ الحديثِ عَلَى ما قاله الصحابي أو التابعيّ معروف عند متقدمي المحدثين، وهذا معنى قولهم:فلانٌ يحفظ مائة ألف حديث، أو سبعمائة ألف حديث ونحو ذلك من العبارات، وهذا الإطلاق يغفل عنه بعض المشتغلين بالحديث من المعاصرين، وعدم التفطن له ربما يوقع الباحث في بعض الإشكاليات!.
  218. ([177]) حلية الأولياء (2/209)، شعب الإيمان (2/305)، تاريخ مدينة دمشق (58/311)، أدب الإملاء والاستملاء (ص62).
  219. ([178]) تقدم تخريجه.
  220. ([179]) فتح الباري (13/8).
  221. ([180]) القواعد الحسان للسعدي (117).
  222. ([181]) تفسير السعدي (190).
  223. ([182]) المعرفة والتاريخ (2/138).
  224. ([183]) أخرجه: أحمد بن حنبل في مسنده (4/123)، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (22/412).
  225. ([184]) الآداب الشرعية (3/156).
  226. ([185]) فتح المغيث (1/93).
  227. ([186]) سير أعلام النبلاء (12/66).
  228. ([187]) الرياض الناضرة للسعدي (ص:59).
  229. ([188]) قال الزيلعيّ:«رواه ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الأدب حدثنا الفضل بن دكين عن إياس بن دغفل قال: قال الحسن فذكره، وعن ابن أبي شيبة رواه عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه بسنده ومتنه، ورواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا حماد بن زيد عن الحسن أنه قال: والله ما تشاور قوم إلا هدوا لأفضل ما يحضر بهم ثم تلا وأمرهم شورى بينهم» تخريج الكشاف (3/242).
  230. قلتُ: ورواه ابن أبي حاتم وغيره وإسناده جيدٌ، وروي نحوه عن قتادة بن دعامة.
  231. ([189]) فائدةٌ: حديث أبي هريرة:«ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله @»، أخرجه: ابن حبان في صحيحه، و عبد الرزاق في مصنفه، ومن طريقه رواه أحمد وابن راهويه في مسنديهما، وفيه انقطاع بين الزهري وأبي هريرة، ولكن دلت على معناه أحاديث كثيرة صحيحة.
  232. ([190]) أخرجه: البخاريّ في صحيحه (رقم1109) وغيرهُ، وقد وردت عدد من الأحاديث في الاسْتِخَارَة أضربتُ عن ذكرها لضعفها.
  233. ([191]) أخرجه: ابن المبارك في الزهد (رقم129)، وابن أبي الدنيا في الرضا عن الله بقضائه (56).
  234. ([192]) الوابل الصيب (ص: 158).
  235. ([193]) شفاء العليل (ص:34).
  236. فائدةٌ:
  237. قال السبكيُّ:«سمعتُ الشيخَ جمالَ الدين ابن قاضي الزبداني – مدَّ اللهُ في عُمره – يحكي عن الشيخِ كمالِ الدين أنه كان يقولُ: إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر فليفعل بعدها ما بدا له سواء انشرحت نفسه له أم لا؛ فإنَّ فيه الخير وإن لم تنشرح له نفسه، قال: وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس» طبقات الشافعية الكبرى (9/206).
  238. ([194]) حلية الأولياء (2/209)، التمهيد لابن عبد البر (23/283).
  239. قد يُشكل على قول مُطَرِّف هذا الحديث المتقدم " أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍ عِنْدَ سُلْطَان جَائِرٍ" والجواب: أنَّ مُطَرِّف يقصد معنى خاص وهو أنّه ليس واجباً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع من كانت هذه حاله من الولاة – ممن يغلب الظنّ أنهم لا يقبلون بل ويعاقبون–، ولكن لو تجرأ إنسانٌ ونصح – على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا الخروج كما هو بيّن من الحديث – فهو المقصود بالحديث" أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ...".
  240. وقد عبّر عن هذا المعنى الحسن البصريّ بقوله: إنما يُكلمُ مؤمنٌ يُرْجَى، أو جَاهلٌ يُعَلّم، فأمَّا مَنْ وَضَعَ سَيفَهُ أو سَوطهُ؛ وقال لكَ: اتقني اتقني!، فَمَالكَ وَلهُ.
  241. وقال سعيد بن جبير: قلتُ لابن عباس: آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر؟ قال: إن خشيت أن يقتلك فلا، وقال عبدالله بن مسعود:حسب المؤمن إذا رأى منكرا لا يستطيع تغييره أن يعلم الله من قبله أنه له كاره.
  242. ومن المعلوم أنّ جميع نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقيدة بالاستطاعة والقدرة، وانظر – للفائدة–: التمهيد لابن عبد البر (23/282)، وجامع العلوم والحكم (ص:323).
  243. وهذه المسألة من دقائق أمر الولاة بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتحتاج إلى: نيةٍ خالصةٍ، ثم فقهٍ بالمعروفِ والمنكر، ثم موازنة بين المصالح والمفاسد، ثم أسلوب يناسب الحال والواقع – كما فعل موسى مع فرعون وقد بينتُ هذا في كتابي " الدَّاعِيَة البَصِير..أخلاقُهُ وَصفاتُهُ وَمنهجُه في ضوء الكتاب والسنة الصحيحة"–.
  244. ([195]) انظر للفائدة: كتاب "الموافقات" للشاطبيّ (4/272)، وكتاب "الأشباه والنظائر" للسيوطي(ص:87)، وكتاب "أضواء البيان" للشنقيطيّ (3/47، 7/500)، وكتاب "الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية" للدكتور: محمد البورنو (ص:82–86). وما كتب في هذه النقطة مُحَرر من هذه الكتب.
  245. ([196]) الدرء هنا بمعنى: الرفع والإزالة.
  246. ([197]) هذا رأي جمهور العلماء ويرى شيخ الإسلام أنّ اعتناء الشرع بالمأمورات أكثر من اعتنائه بالمنهيات، وأيده ابنُ القيّم وقرره في عددٍ من كتبه منها: إعلام الموقعين (2/158)، والفوائد (ص:117)، وكذلك قرر ذلك ابنُ رجب في كتابه"جامع العلوم والحكم" (ص:90).
  247. ([198]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم6858)، ومسلم في صحيحه (رقم1337).
  248. ([199]) تفسير ابن كثير (2/165).
  249. ([200]) هو: الحجر.
  250. ([201]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم126)، ومسلم في صحيحه(رقم1333).
  251. ([202]) وقد تابعه على هذا التبويب النسائيّ فقال – كما في السنن الكبرى (3/454) – «الفتيا عند رمي الجمار ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس فيقعوا في أشد منه ». وكثيراً ما يتابع النسائيُّ البخاريَّ في التبويب فليعلم.
  252. ([203]) فتح الباري (3/448).وانظر: فتح الباري (1/225).
  253. ([204]) مجموع الفتاوى (22/407).
  254. ([205]) مجموع الفتاوى (24/195).
  255. ([206]) الاستقامة (2/211–218).
  256. ([207]) منهاج السنة (4/536).
  257. ([208]) إعلام الموقعين (3/4).
  258. ([209]) اقتضاء الصراط المستقيم (ص: 28) تحقيق: محمد حامد.
  259. ([210]) هو: مُورق – بتشديد الراء – بن مشمرج – بضم أوله وفتح المعجمة وسكون الميم وكسر الراء بعدها جيم – بن عبدالله العجلي أبو المعتمر البصري ثقة عابد، مات بعد المائة، روى له الجماعة. تقريب التهذيب (ص549رقم694).
  260. ([211]) هو: ابن خداش أحد رواة القصة.
  261. ([212]) الطبقات الكبرى (7/215)، كرامات الأولياء (ص210)، حلية الأولياء (2/206)، تاريخ مدينة دمشق (58/324)، وإسنادهُا صحيحٌ.
  262. ([213]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا (رقم91)، المجالسة للدينوري (رقم1681)، تاريخ مدينة دمشق (58/325).
  263. ([214]) مصنف ابن أبي شيبة (7/177)، حلية الأولياء (2/207)، تاريخ مدينة دمشق (58/326).
  264. ([215]) مصنف ابن أبي شيبة (7/178)،حلية الأولياء (2/207).
  265. ([216]) الزهد لابن السري (1/226رقم375)، حلية الأولياء (2/207).
  266. ([217]) البداية والنهاية (9/70).
  267. ([218]) مصنف ابن أبي شيبة (7/179)،المجالسة للدينوري (رقم42)، اعتقاد أهل السنة (4/683)، حلية الأولياء (2/208).
  268. ([219]) الزهد لأحمد بن حنبل (ص:241).
  269. ([220]) تاريخ مدينة دمشق (58/327).
  270. ([221]) رواه أبو داود في الصلاة (رقم 1479)، والترمذي في الدعوات (رقم2969) والنسائي في التفسير من السنن الكبرى (رقم11464)، وابن ماجه في الدعاء (رقم3828) من حديث النعمان بن بشير، وقال الترمذي حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان (رقم 890)، والحاكم في مستدركه (رقم1802).
  271. ([222]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم798)، مسلم في صحيحه (رقم589).
  272. ([223]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم6007)، مسلم في صحيحه (رقم589).
  273. ([224]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم2667).
  274. ([225]) أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم6678)، مسلم في صحيحه (رقم2359).
  275. ([226]) أخرجه: مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها(رقم770).
  276. ([227]) إعلام الموقعين (4/257).
  277. ([228]) إعلام الموقعين (4/172).
  278. ([229]) الحديث أخرجه:البخاريُّ في صحيحه (رقم 436)، ولفظه:
  279. عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلابْنِهِ عَلِيٍّ:انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَانْطَلَقْنَا= =فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَال: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَرَآهُ النَّبِيُّ @ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُول:«وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ»، قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ.
  280. ([230]) فتح الباري (1/543).
  281. ([231]) مصنف ابن أبي شيبة (6/22، 7/451، 531)، حلية الأولياء (1/274)، شعب الإيمان (2/40).
  282. ([232]) تضاعف العبادات بأسباب:
  283. – زمانية كرمضان، وعشر ذي الحجة.
  284. – ومكانية كمكة، والمدينة، وبيت المقدس.
  285. قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية:« المعاصي في الأيام المعظمة والأمكنة المعظمة تغلظ معصيتها وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان » الآداب الشرعية (3/415). وقال ابنُ مفلح:«وتضاعف الحسنة والسيئة بمكة أو زمان فاضل ذكره القاضي وغيره وشيخنا– يقصد: شيخ الإسلام
  286. ابن تيمية– وابن الجوزي » الفروع (3/365).
  287. قلتُ: وأدلة هذا القول في من السنة النبوية كثيرة، ومنها هذا الحديث " الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ" فقد دلَّ على تضعيف أجر العبادة في زمن الفتن، وهذا التضعيف يخفى على كثير من الناس!.
  288. ([233]) (ص310).
  289. ([234]) شرح النووي على صحيح مسلم (18/88).
  290. ([235]) فيض القدير (4/373).
  291. ([236]) الاستقامة (2/241).
  292. ([237]) الاستقامة (2/215).
  293. ([238]) الاستقامة (2/221).
  294. ([239]) منهاج السنة (4/538–541).
  295. ([240]) الفروع لابن مفلح (10/181).

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابع أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار

أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار   ج1وج2. ج / 1 ص -3- بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق: لا نعرف عن بدايات التأليف في...